وأمّا بناءً على أن مدرك الولاية هو الأخبار ، فلأن غاية ما يمكن استفادته من الأخبار أنّ الولي مقدّم على غيره من الأرحام والأجانب كما احتملناه في الآية المباركة ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (١) على ما ورد في بعض الأخبار فالولي أولى بالإضافة إلى غيره من الأقرباء والحق له ، وأمّا أنّ الولي أولى بالإضافة إلى نفس الميِّت أيضاً فيتقدّم حقّه عليه فهذا لم يثبت بوجه ، لأنّ الميِّت أولى بنفسه من غيره.
وهكذا غير الميِّت ، لأنّه ليس أحد أولى إلى الشخص من نفسه سوى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لقوله تعالى ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (٢) وعلى ذلك لم يثبت حق الولي بالإضافة إلى الميِّت ، بل الميِّت أولى بنفسه منه فله الوصية بما شاء فله أن يراعي نفسه ويوصي بما شاء لمن شاء كما إذا أوصى أن يدفن في مكان خاص فإنّه ليس للولي تغيير ذلك. وهكذا إذا أوصى أن يصلّي عليه شخص معين ، فاطلاقات أدلّة الوصية محكّمة ولم يقم دليل على خلافها ، لعدم ثبوت كونها على خلاف المقرّر في الشرع.
نعم ، هناك كلام آخر وهو أن معنى نفوذ الوصية وصحّتها أن للوصي حق التصدِّي للصلاة أو غيرها ممّا أوصى له الميِّت ، وأمّا أن قبولها واجب على الوصي ولا مناص من أن يباشرها بنفسه فهذا ممّا لم يثبت بدليل ، كيف وهو إضرار وإلقاء له في الحرج ولو جاز لصحّت الوصية بأن يحج عنه ويصلّي ويصوم ويقوم بسائر الأعمال الواجبة أو المستحبّة ، ولا إشكال في أن قبولها لو كان واجباً على الوصي كان ذلك ضرراً وأمراً حرجياً لا محالة ، وكيف كان فلا يجب قبول الوصية على الوصي بل له ردّها وإنّما الوصيّة تولّد حقاً للوصي في القيام بما أوصى به ، وأولوية له بالإضافة إلى الغير.
__________________
(١) الأحزاب ٣٣ : ٦.
(٢) الأحزاب ٣٣ : ٦.