ببطلان المعاملة الصادرة عن إكراه وإجبار.
وأمّا الواجبات الكفائية أو العينية كما إذا أكره الوالد ابنه على أن يصلّي فرائضه وأتى بها عن إكراه ، فالحكم ببطلانها بالحديث يكون على خلاف الامتنان ، لأن معناه إيجاب الإعادة عليه ، ولا امتنان فيه أبداً.
الجهة الثانية : أنّ الصلاة مثلاً يعتبر فيها قصد القربة ، ومع استناد الإتيان بها إلى التوعيد والإكراه أي كون الداعي إلى عمله هو التوعيد لا تستند الصلاة إلى الداعي القربي والإلهي فيحكم ببطلانها.
وهذه المناقشة تندفع بوجهين :
أحدهما : ما ذكرناه في مبحث الوضوء (١) وغيره من أن معنى اعتبار قصد القربة في العبادات ليس هو اعتبار أن لا يقترن بالعمل شيء من الدواعي الخارجية غير قصد القربة ، بل معناه أن يقترن العمل بداع قربي قابل للداعوية إلى العمل بنفسه واستقلاله أي بحيث لو لم يكن له داع آخر لأتى به بذاك الداعي الإلهي ، سواء كان معه داع آخر أم لم يكن ، كيف وفي جملة من العبادات يجتمع داعيان أو أكثر فيها ، منها الصوم وترك الإفطار على الملأ وبين الناس ، لأنّ العاقل لا يرضى بالانتهاك لدى الناس ، فالخجل منهم يدعوه إلى الصوم وترك الأكل في الأسواق وعلى رؤوس الأشهاد ، ومع أنّه لا إشكال في صحّة صومه ، لأنّه وإن كان له داعٍ آخر إلاّ أن له داعياً قربياً مستقلا في الداعوية على تقدير انفراده ، ومن ثمة يصوم وإن لم يكن هناك شخص آخر يشاهده.
وفي المقام أيضاً يمكن أن يكون للمكره بعد الإكراه والالتفات إلى أنّه واجب كفائي في حقّه داع إلهي وقصد قربي مستقل في الداعوية ، وبذلك يحكم بصحّة عبادته وعلمه.
وثانيهما : أن بطلان العبادة بداع غير قربي إنّما هو فيما إذا كان الداعي داعياً إلى
__________________
(١) شرح العروة ٦ : ٣٧ وما بعدها.