ثبوت الحكم في حقّ الميِّت ، وأمّا سقوطه عن الغير فهو ممّا لا تقتضيه قاعدة الإلزام بوجه ، هذا كلّه.
على أنّا لو سلمنا شمول القاعدة للأموات أيضاً ، لا يمكننا إجراؤها في المقام ، لأنّه لا صغرى لها في محل الكلام ، حيث إنّ الميِّت إنّما التزم بصحّة الغسل ممّن يرى صحّته أي المخالف مثله لا من الشيعي الّذي لا يرى صحّته ، لأنّه أمر عبادي والشيعي يعتقد بطلانه ، وأمّا صحّة تغسيل غيره على طريقة المخالفين فلم يلتزم بها بوجه ، لأن غيره يرى بطلانه ومعه لا يصدر منه الغسل صحيحاً لأنّه أمر عبادي ، إذن لا صغرى لقاعدة الإلزام في المقام فلا بدّ من تغسيل المخالف على الطريقة الصحيحة.
اللهمّ إلاّ أن تقتضي التقية تغسيله على طريقة المخالفين كما إذا كان بمرأى ومنظر منهم فإنّه محكوم بالصحّة حينئذ ، لأنّ التقية في كل شيء ، وبه يكون الغسل على طريقتهم مأموراً به وشرعياً في حقّه ، لأنّ التقية عنوان ثانوي ينقلب بها الحكم الواقعي ويتبدل على ما يستفاد من أدلّتها.
بقي شيء : وهو أنّ المغسّل إذا كان من المخالفين وقد غسّل المخالف على طريقتهم ، فهل يجب على غيره ممّن يرى بطلان الغسل على تلك الكيفية أن يغسله ثانياً ، لأنّ الغسل الأوّل باطل وبحكم العدم ، أو يقتصر على تغسيله بتلك الطريقة ولا يجب إعادة الغسل؟
الصحيح هو الثاني ، للسيرة القطعية المستمرة على ذلك في زمان المعصومين عليهمالسلام حيث إنّهم في تلك الأعصار كانوا يكتفون بتغسيل المخالف للمخالف على طريقتهم ولم يردعوا عليهمالسلام عن ذلك بوجه ، ولم يأمروا بتغسيلهم مرّة ثانية ولو مع التمكّن منه ، وإلاّ لنقل إلينا ذلك ، ومن هذا يستكشف أنّ التغسيل على طريقتهم حينئذ صحيح ومسقط للوجوب عن بقية المكلّفين ، هذا كلّه في المخالف.