وليس الوجه فيه هو الإجماع في المقام ، لأنّا نطمئن أو نظن أو نحتمل استنادهم في ذلك إلى مدرك وصل إليهم في المسألة ، ومعه لا يكون الإجماع تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم عليهالسلام.
كما أنّ الوجه فيه ليس هو التمسُّك بعموم ما دلّ على وجوب تغسيل كل ميت [ مسلم ] ، لأنّه من التمسُّك بالعام في الشبهة المصداقية ، لاحتمال أن يكون اللقيط ولد الكافر واقعاً ، وقد بيّنا في محله أنّ الشك في الشبهات المصداقية ليس راجعاً إلى الشك في التخصيص ، ليدفع بأصالة العموم ، وإنّما هو من جهة الشك في انطباق عنوان الخارج على المشكوك فيه ولا يمكن معه التمسُّك بالعام.
كما أنّه ليس الوجه فيه ما ورد من أن « الإسلام يعلو ولا يعلى عليه » (١) لأنّه أجنبي عن المقام رأساً ، لأن معناه أنّ الإسلام قوي الحجّة وواضح المحجة والطريق فهو يعلو بنفسه على غيره ولا يعلو عليه شيء ، وأمّا أنّ المشكوك كفره وإسلامه فهو مسلم فهذا ممّا لا يستفاد منه بوجه.
وكذا ما ورد من أن « كل مولود يولد على الفطرة » (٢) وقوله تعالى ( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها ) (٣) فإنّها أجنبية عن المقام ، لأنّ المراد بالفطرة في الآية والأخبار فطرة التوحيد لا فطرة الإسلام ، فإن كل واحد لو التفت إلى خلقته عرف أن له خالقاً غيره ، إذ لو لم يكن له خالق فامّا أن يكون هو الخالق لنفسه أو يكون مخلوقاً من غير خالق ، وكلاهما مستحيل كما أشار إليه سبحانه بقوله ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ ) (٤) وقوله وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ منْ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالْأَرْض لَيَقُولنَّ اللهُ قُلْ فَأَنى تُؤْفَكُونَ (٥) إلى غير ذلك من الآيات.
__________________
(١) أخرجه عن الصدوق مرسلاً في الوسائل ٢٦ : ١٤ / أبواب موانع الإرث ب ١ ح ١١.
(٢) البحار ٦٤ : ١٣٥ / باب فطرة الله ح ٧.
(٣) الرُّوم ٣٠ : ٣٠.
(٤) الطور ٥٢ : ٣٥.
(٥) الزّخرف ٤٣ : ٨٧. والصحيح ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ ).