أمّا المقام الأوّل : فقد ادّعوا الإجماع على عدم اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت في محل الكلام وهو الصبي الّذي لا يزيد سنه عن ثلاث سنين والعبرة في ذلك بزمان الموت دون الاغتسال ، بمعنى أن يكون قد عاش حياً ثلاث سنين وإن وقع غسله بعد ثلاث سنين.
وهذا هو الصحيح ، وذلك لإطلاق الأدلّة الدالّة على وجوب تغسيل الأموات ، وعدم تقييدها بما إذا كان الغاسل مماثلاً للميت ، ولا مزاحم لهذا الإطلاق ، فإنّ الأخبار المتقدِّمة الدالّة على أنّ الرجل أو المرأة إذا مات ولم يكن عنده من يماثله يدفن كما هو بثيابه من غير غسل ، مختصّة بالرجل والمرأة ، وهما غير شاملين للصبي والصبية في مفروض الكلام ، لأن غاية ما هناك أن نتعدى منهما إلى المميز من الصبي والصبية بمناسبة الحكم والموضوع ، وأمّا غير المميز منهما كما هو مفروض المسألة ، أعني الصبي أو الصبية غير المتجاوزين عن ثلاث سنوات فلا ، فالإطلاق غير مزاحم.
ويدلُّ على ذلك صريحاً موثقة عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام « أنّه سئل عن الصبي تغسله امرأة؟ قال : إنّما يغسل الصبيان النِّساء » (١) حيث دلّت على أن غسل النِّساء للصبيان أمر متعارف عادي.
وأمّا المقام الثاني : فالأمر فيه أيضاً كذلك ، لأن مقتضى الإطلاق عدم اعتبار المماثلة بين الغاسل والصبية كالصبي ، والأخبار الدالّة على اعتبار المماثلة غير شاملة للصبي والصبية كما تقدم فالاطلاقات لا مزاحم لها.
إلاّ أنّه ربما يقال باعتبار المماثلة في الصبية دون الصبي لوجهين :
أحدهما : ما عن المعتبر من أنّ الأصل حرمة النظر ، أي حرمة نظر الأجنبي إلى الصبية (٢).
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٥٢٧ / أبواب غسل الميِّت ب ٢٣ ح ٢.
(٢) المعتبر ١ : ٣٢٤ / في أحكام الأموات.