وعلى الجملة : أنّ الشارع المقدّس قد يمضي ما أنشأه المنشئ على إطلاقه ، كما في أكثر المعاملات والإيقاعات الصحيحة. وقد لا يمضي على الإطلاق ، كما في المعاملات الفاسدة كالربوي وغيره. وقد يكون إمضاؤه متوسطاً بين الأمرين فلا هو يمضيه مطلقاً ولا هو لا يمضيه مطلقاً ، بل يمضيه مشروطاً بشرط كما عرفت ، ومعه يمكن أن يكون الطلاق من هذا القبيل ، لأنّ المنشئ وإن قصد البينونة مطلقاً إلاّ أنّ الشارع أمضاه بعد انقضاء العدّة فالمرأة قبل انقضائها زوجة حقيقة.
وهل هذا الأمر الممكن واقع؟
الصحيح نعم ، وذلك لما ورد في الروايات المعتبرة من أنّ المرأة إذا انقضت عدّتها فقد بانت (١) حيث علقت البينونة على انقضاء العدّة ، ومقتضى مفهوم الشرط عدم البينونة قبل انقضاء العدّة ، والبينونة في قبال الزوجية ، فيدل مفهوم الرواية على أنّ الزوجية باقية قبل انقضاء العدّة.
ويؤيّده ما ورد من مرغوبية تزيين المطلقة الرجعية وإراءة نفسها من زوجها لعله يرغب في نكاحها والرجوع إليها (٢) مع أنّ الأجنبية لا يجوز لها أن تتزين وترى نفسها للأجنبي.
ولأجل ما ذكرنا يجوز لزوجها أن ينظر إليها في زمان العدّة ويقبلها ويمسّها ، بل يجوز له كل شيء حتى وطئها ولو بقصد الزِّنا وعدم الرجوع ، وإن استفدنا من الروايات (٣) أنّ الوطء بنفسه رجوع وهو مبطل للطلاق السابق عليه ، بخلاف مثل التقبيل واللمس والنظر ، فكونها رجوعاً يحتاج إلى القصد.
فالمتحصل : أنّ المطلقة الرجعية زوجة حقيقة فيجوز لها أن تغسل زوجها وبالعكس.
__________________
(١) الوسائل ٢٢ : ٢٠٣ / أبواب العدد ب ١٥.
(٢) الوسائل ٢٢ : ٢١٧ / أبواب العدد ب ٢١.
(٣) لاحظ الوسائل ٢٢ : ١٤٠ / أبواب أقسام الطّلاق ب ١٧ ، ١٨ ، ١٩.