حكم شرعي تعبّدي إنّما جعلت تجليلاً للميت واحتراماً له لا لبقاء علقة الزوجية ، إذ لا معنى لاعتبار الزوجية للجماد الّذي منه الميِّت.
فالأخبار دلّت على ترتب الحكم على الزوجية حال الموت وأنّها الموضوع لجواز تغسيل كل منهما الآخر بعد الموت ، وهي أمر لا ينقلب عمّا وقع عليه بعد الوقوع.
على أن ذلك تنافيه التعليلات الواردة في الأخبار « بأنّ الزوجة منه في عدّة » كما في صحيحة عبد الله بن سنان وغيرها من الأخبار المتقدِّمة (١) المصرحة بأنّ الزوجة لها أن تغسل زوجها وتنظر بدنه ما دام لم تنقض عدّتها وهي أربعة أشهر وعشراً ، أو غيره كما مرّ ومنها يستكشف أن طول المدّة كأربعة أشهر وعشراً غير موجب لزوال علقة الزوجية تعبّداً ، فإذا لم تنقطع العلقة بتلك المدّة لم تنقطع بزيادة ساعة أو يوم عليها كما إذا انقضت عدّتها وبعد ساعة أرادت أن تغسل الرجل فطول المدّة غير مانع عن المدّعى.
وقد يستدل عليه بأنّ الأخبار الدالّة على جواز تغسيل الزوج أو الزوجة صاحبه تنصرف إلى الغسل المتعارف كالغسل بعد ساعة من الموت أو ساعتين ونحو ذلك ولا يشمل الفروض النادرة.
وفيه : أنّ الانصراف بدوي وهو ممّا لا موجب له.
على أن ذلك ممّا تدفعه التعليلات الواردة في الأخبار ، لأن مقتضاها جواز تغسيل الزوجة زوجها ما دامت لم تنقض عدّتها ، وظاهر أنّ الغسل في آخر أيّام العدّة كالعشرة بعد أربعة أشهر أمر نادر أيضاً ، ومع ذلك تشمله الأخبار من غير شبهة.
على أنّه لا فرق في الندرة بين تغسيلها قبل انقضاء عدّتها وتغسيلها بعده بساعة وقد صرّحت الأخبار المتقدِّمة بأنّ الزوجة لها أن تغسل زوجها ما دام لم تنقض عدّتها الشاملة لتغسيلها في آخر أزمنة عدّتها. وعن بعضهم الاستدلال على ذلك بأنّ الأخبار
__________________
(١) في ص ٣٣٥.