أمر عبادي ، فهل يمكن أن يقال : إنّ الكافر لا يتمشى منه قصد القربة فلا يجوز أخذ الزكاة منهم ، بل يلتزم فيه بسقوط ذلك وعدم اعتبار قصد التقرّب ، أو يلتزم بوجوبه ممّن يأخذ الزّكاة كالحاكم أو نائبه.
وفي المقام أيضاً يلتزم اعتباره من المسلم الّذي يأمر الكتابي بالتغسيل ، فانّ الموثقتين واردتان لبيان وظيفة المسلمين وأنّهم يأمرون الكفّار المماثلين بالتغسيل. وكيف كان ، فهذه المناقشة ساقطة وبعد دلالة النص الصريح لا يمكن الخدشة في قباله فإنّه من الاجتهاد في مقابل النص.
أمّا المناقشة الثانية ، فهي إنّما تصح ممّن لا يعتمد على غير الصحاح أي على الموثقات كصاحب المدارك قدسسره ولا تتم من مثل المحقق الّذي يعمل بالموثق كما يعمل بالصحيح ، فإن أكثر الرواة بين زيدي أو فطحي أو واقفي أو غير ذلك من الفِرق غير الأنثى عشرية ، وقد أثبتنا في محله أنّ الموثق حجّة كالصحيح.
فالعمدة هي المناقشة الأخيرة ، من أنّ الموثقتين معارضتان للأخبار الدالّة على نجاسة أهل الكتاب ، وهي أكثر وأرجح من الموثقتين.
والوجه في المعارضة : هو ما ثبت من الخارج من أن ماء الغسل لا بدّ وأن يكون طاهراً ، فمع نجاسة المغسّل يتنجس الماء ، والماء المتنجس لا يزيل خبثاً ولا يرفع حدثاً.
وهذه المناقشة لا ترجع إلى محصل ، وذلك لأنّا إن قدمنا الأخبار الدالّة على طهارة أهل الكتاب ولم نعمل بالأخبار الدالّة على نجاستهم وإنّما لم نفت بالطهارة لعدم الاجتراء على مخالفة المشهور وقلنا إن نجاستهم عرضية كما استظهرناه من بعض الأخبار (١) حيث سئل عليهالسلام عن الأكل في أواني أهل الكتاب فقال : لا ، معلّلاً بأنّهم يشربون فيها الخمر ويطبخون لحم الخنزير أو الميتة فيها أو يأكلونها
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ٢١٠ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٤.