ومنها : معتبرة عبد الله بن سنان قال : « سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : المرأة إذا ماتت مع الرّجال فلم يجدوا امرأة تغسلها غسّلها بعض الرجال من وراء الثوب ، ويستحب أن يلف على يديه خرقة » (١). وهي من حيث السند لا بأس بها إلاّ أنّها قاصرة الدلالة ، فإن دلالتها بالإطلاق ، لعدم التصريح فيها بأنّ الرّجل من غير ذي الرحم فتقيد بالأخبار الدالّة على عدم جواز تغسيل الأجنبي وغير المماثل للميت وتختص بالرجل من المحارم.
بل في نفس الرواية قرينة على إرادة المحارم دون غيرها ، وهو قوله عليهالسلام « ويستحب أن يلف على يديه خرقة » لأن ذلك إنّما هو في المحارم. وأمّا الأجانب فاللف واجب عليهم ، لحرمة مسّ بدن الأجنبية ، هذا.
على أن تلك الأخبار مضافاً إلى معارضتها مع الأخبار الدالّة على أنّ الميِّت يدفن كما هو ولا يغسله الأجنبي غير المماثل له (٢) معارضة في مواردها بصحيحة داود بن فرقد « قال مضى صاحب لنا يسأل أبا عبد الله عليهالسلام عن المرأة تموت مع رجال ليس فيهم ذو محرم هل يغسلونها وعليها ثيابها؟ فقال : إذن يدخل ذلك عليهم أي يعاب عليهم ولكن يغسلون كفيها » (٣) لأنّها كما ترى واردة في نفس موارد الأخبار المذكورة ، وهي ما إذا لم يوجد مماثل ولا ذو رحم للميت وأراد الأجنبي غير المماثل تغسيل الميِّت من وراء الثِّياب ، وقد دلّت على أنّه لا يغسل ولا من وراء الثِّياب ، وإنّما يغسل كفيها.
ولا تنافي هذه الصحيحة الأخبار الناهية عن تغسيل الميِّت إذا لم يوجد له مماثل ولا ذو رحم وأنّه يدفن كما هو ، وذلك لأنّ النهي في تلك الأخبار قد ورد مورد توهّم الوجوب فلا يدل إلاّ على عدم الوجوب ، كما أنّ الأمر في هذه الصحيحة قد ورد مورد توهّم الحظر ، لأن قوله عليهالسلام « إذن يدخل ذلك عليهم » أي يعابون على
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٥٢٥ / أبواب غسل الميِّت ب ٢٢ ح ٩.
(٢) الوسائل ٢ : ٥٢٠ ٥٢٥ / أبواب غسل الميِّت ب ٢١ ، ٢٢.
(٣) الوسائل ٢ : ٥٢٣ / أبواب غسل الميِّت ب ٢٢ ح ٢.