والوجه في لزوم تغسيله حينئذ ، أن سقوط الغسل في الموردين ووجوب التغسيل في حال الحياة حكم على خلاف القاعدة ، ولا بدّ في مثله من الاقتصار على مورد النص والتسالم ، وهو ما إذا اغتسل للرجم أو القصاص وقتل بسببهما ، وفي غير هذا المورد يرجع إلى مقتضى القاعدة والعمومات ، وهي تدل على وجوب تغسيل كل ميت ، ولعل هذا مما لا إشكال فيه.
وإنما الكلام فيما إذا اغتسل للرجم فقتل قصاصاً أو بالعكس ، أو أنه اغتسل للقصاص لزيد فقتل قصاصاً لعمرو ، فهل يجب أن يعيد غسله أو أنه إذا لم يغتسل ثانياً يجب تغسيله بعد موته أو لا؟
لا يبعد القول بسقوط الغسل وعدم وجوب إعادته ولا تغسيله بعد موته ، وذلك لأن الخارج عما دل على وجوب التغسيل بعد الموت فردان : المرجوم والمقتص منه فاذا اغتسل المكلف لهذا أو ذاك ، أي للجامع بينهما سقط عنه التغسيل بعد الموت والمفروض أن ذلك قد تحقق فلا محالة يسقط عنه التغسيل بعد الموت ، وغاية الأمر أنه كان ناوياً للغسل للرجم ولم يتحقق الرجم وتحقق الفرد الآخر ، إلاّ أنه لا يشترط في سقوط الغسل قصد الوجه ونية التعيين ، بل الغسل لأحدهما موجب لسقوط التغسيل بعد الموت ، وهذا قد تحقق على الفرض ، هذا إذا اغتسل للرجم وقتل قصاصاً.
وأما إذا اغتسل للقصاص من جهة فقتل قصاصاً من جهة أُخرى فالأمر فيه أوضح ، لأن الغسل لطبيعي القصاص أو الرجم موجب لسقوط الغسل بعد الموت فان الحكم ثابت للطبيعي القصاص أو الرجم لا لأفراده ، وقصد الفرد المعين لا أثر له ، هذا.
إلاّ أن مقتضى الاحتياط إعادة الغسل ثانياً للسبب الثاني قبل قتله أو تغسيله بعد موته إذا لم يُعد الغسل ثانياً ، وذلك لأنه إذا احتملنا أن يكون للرجم أو القصاص الذي اغتسل لأجله دخل في سقوط الغسل بعد الموت لا بدّ من الرجوع إلى المطلقات الدالّة على وجوب تغسيل كل ميت إلاّ أن يعيد غسله ثانياً للسبب الثاني ، وذلك لأنه مع الشك في التخصيص الزائد لا مناص من الرجوع إلى المطلقات.