وأمّا عدم استبعاد كونه شهيداً فإنما هو لمجرّد الظهور ، حيث وجد في المعركة ، أو من باب إلحاق الظن بالشيء بالأعم الأغلب ، وشيء منهما لا اعتبار به.
ودعوى أن السيرة جارية على إلحاقه بالشهيد ساقطة ، إذ أي سيرة جرت على إجراء أحكام الشهيد على من شك في شهادته.
نعم ، قد تكون الشهادة مورد الاطمئنان ، لأن أفراد المعسكر معلومين ، وكل أُمراء الصفوف يدرون أن من عندهم برز إلى ميدان القتال فقتل.
وكيف كان ، فان كان هناك أمارة على الشهادة مفيدة للقطع أو الاطمئنان فهي وإلاّ فالمسألة يبتني حكمها على حكم كبروي وهو جريان الأصل في الأعدام الأزلية وذلك للشك في أن القتل أو الموت هل اتصف بكونه في سبيل الله أم لم يتصف ، ففي حال حياته لم يكن موت ولا اتصاف بكونه في سبيل الله ، فإذا علمنا بحدوثه وشككنا في اتصافه بذلك وعدم اتصافه ، فالأصل أنه لم يتصف بكونه في سبيل الله فيجب تغسيله وتكفينه.
بل المورد من موارد الأصل النعتي ، لأن الظاهر من الأخبار (١) أن المقتول في سبيل الله لا يغسل حيث استثني من وجوب تغسيل الميِّت المقتول فراجع ، فالقتل في سبيل الله صفة للإنسان ، لا أن الكون في سبيل الله صفة للموت أو القتل. وبين العنوانين فرق ظاهر ، فإن الأول مورد للأصل النعتي ، وذلك لأن ذلك الشخص الخارجي كان غير متصف بالقتل في سبيل الله قبل موته والأصل أنه الآن كما كان ، ومقتضى هذا الأصل وجوب تغسيله وتكفينه كما عرفت.
وعلى الجملة : القتل في سبيل الله صفة حادثة مسبوقة بالعدم وعند الشك فيها يستصحب عدمها.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٥٠٩ و ٥١٠ / أبواب غسل الميِّت ب ١٤ ح ٧ ، ٩ ولا يضرّ باعتبار الثاني كون ابن سنان في السند في الكافي [ ٣ : ٢١٢ / ٥ ] والتهذيب [ ١ : ٣٣٢ / ٩٧٣ ] لأنّ المراد به عبد الله كما استظهره صاحب الوسائل.