حيث الثواب والأحكام الشرعية المترتبة عليه ولو بملاحظة الأخبار الواردة في القتيل في سبيل الله والقتيل بين الصفين.
ومنها : أن السيرة جارية على تغسيل وتكفين المبطون والمطعون والمقتول دون أهله وماله ومن ماتت عند الطلق ، ولم يسمع أن التي تموت عند الطلق لم تغسل ولم تكفن ، بل تدفن بثيابها من غير غسل.
مع أن الموارد المذكورة محل الابتلاء فلو كان حكمهم حكم الشهيد ولم يجب فيهم التغسيل والتكفين لاشتهر الحكم وكان من الأُمور الواضحة. مع أنه لم يفت فقيه بسقوط الغسل والكفن في هذه الموارد.
ومنها : أنّا لو لم ندّع الانصراف وأغمضنا النظر عن السيرة الجارية على التغسيل والتكفين ، أيضاً لا يمكننا إلحاق المذكورين بالشهيد ، وذلك لأن الأخبار الواردة في تلك الموارد بأنفسها تدل على أن التنزيل إنما هو بحسب علوّ المقام وعظم المنزلة والثواب ، لا أنه بحسب الأحكام الشرعية ، وذلك لأنها دلت على أن المذكورين في الروايات شهيد ، فنزّلوا منزلة مطلق الشهيد وطبيعيه ، ومن الظاهر أن طبيعي الشهيد ليس له حكم شرعي ، فإن سقوط التغسيل والتكفين من الأحكام المترتبة على قسم خاص من الشهيد ، وهو الشهيد الذي أدركه المسلمون وليس به رمق الحياة ، أو الذي قتل في المعركة أو الأعم منها ومن خارجها على الخلاف.
فالمقتول في سبيل الله على قسمين : قسم يغسّل ويكفّن كالذي أدركه المسلمون وهو حي ، وقسم لا يغسّل ولا يكفّن وهو الذي أدركوه ولم يكن به رمق الحياة والجامع بينهما ليس بموضوع للحكم بعدم تغسيله وتكفينه ، وحيث إنهم قد نزّلوا منزلة مطلق الشهيد دون الشهيد الذي أدركه المسلمون ولا رمق له ، فيعلم من ذلك أن التنزيل إنما هو بحسب علوّ المنزلة والثواب ، لترتبهما على طبيعي الشهيد ، لا أنه بحسب الأحكام الشرعية ، وهذا الوجه هو المعتمد عليه.