وكذا إذا كان ناقص الصّدر ، إذ يصدق أنه جسد زيد الميِّت ولكنه ناقص الصّدر ، إذ نسبة الصّدر إلى البدن كنسبة الرأس وغيره من الأعضاء إليه.
بل الأمر كذلك فيما إذا بقيت عظامه من غير لحم ، كما إذا تناثر لحمه لعارض أو أكله السبع وبقيت عظامه المجردة ، لصدق أنه ميت إنساني فاقد اللحم. بل المدار في صدق ذلك على بقاء معظم الأجزاء بحيث يصدق أنه ميت إنساني فاقد لعضو أو عضوين أو أكثر.
ومنه يظهر أنه إذا بقي معظم الأجزاء من العظام ولم تبق بتمامها أيضاً يجب تغسيله وتكفينه ، لصدق أنه ميت وإنسان فاقد اللحم وبعض العظام ، كما إذا أكل السبع لحمه وعظامه اللطيفة فإنه في جميع هذه الصور لا بدّ من التغسيل وغيره من الآثار المترتبة على الميِّت تام الأعضاء ، وهو على طبق القاعدة.
وأما إذا كانت القطعة عضواً من أعضاء الميِّت ولم يصدق عليها عنوان الميِّت كما إذا بقي رأسه أو رجلاه أو يداه أو صدره ، فإنه لا يقال إنه زيد الميِّت مثلاً بل يقال هذا رأس زيد الميِّت وهذه رجله وهكذا ، فمقتضى القاعدة عدم وجوب شيء من الآثار الشرعية المترتبة على الميِّت ، لأصالة البراءة ، نعم لا بدّ من دفنها ، لما علمناه من وجوب دفن قطعات الميِّت احتراماً له ولو كان لحماً مجرّداً.
وأمّا استصحاب وجوب التغسيل وغيره من الآثار قبل الانفصال أو قاعدة الميسور فشيء منهما لا يقتضي وجوبها ، وذلك لأن الاستصحاب لا يجري في الشبهات الحكمية ، على أن الموضوع غير باقٍ بحاله ، لأن المحكوم بتلك الآثار هو الميِّت الإنساني لا الرأس المجرد مثلاً ، فالموضوع متعدد.
وقاعدة الميسور غير تامة في نفسها ، وعلى تقدير التنازل فموردها ما إذا كان المركب متعذراً بعض أجزائه وكان بعضها الآخر ممكناً للمكلف ، ولا تجري في مثل المقام الذي لا يعدّ الممكن ميسوراً للمأمور به المتعذر ، فان تغسيل الرأس من الميِّت لا يعدّ ميسوراً من غسل الميِّت الإنساني وإنما هما متغايران ، هذا كله بحسب القاعدة.