للوضوء ، لما فرضنا من أنها لو سكتت بعد توضئها دقيقة أو دقيقتين مثلاً وصلّت بعد ذلك صحّت صلاتها وتوضئوها ، فإذا أتت بالنافلة بدل السكوت كيف يحكم ببطلان وضوئها ، وهل يكون وجود النافلة مبطلاً له مع عدم بطلانه بالسكوت لعدم وجوب الفورية على الفرض ، فلا مانع من أن تتوضأ وتصلِّي النافلة ثم تصلِّي الفريضة.
وكذا الحال فيما إذا أتت بالنافلة بعد الفريضة كما في صلاة المغرب ، لأن التأخير بمقدار فعل النافلة لا يكون موجباً لبطلان الوضوء كما عرفت ، فمقتضى القاعدة عدم وجوب التوضؤ لكل نافلة.
وهذا كسابقه ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأن المدعى ليس هو أن الفصل الزماني بين الوضوء والفريضة موجب لبطلانه حتى ينتقض بما إذا سكتت بعد الوضوء ولم تشتغل بشيء وصلّت بعد ذلك ، وإلاّ للزم الالتزام بصحة الاكتفاء بالوضوء الواحد فيما إذا توضأت لأداء فريضة وأتت قبلها بفريضة اخرى قضاء ، فإن وجود الصلاة المأتي بها قضاء لا يحتمل أن يكون ناقضاً لتوضئها بعد عدم كون السكوت بهذا المقدار مبطلاً له. مع أن هذا ممّا لا يلتزم به أحد ، لأنهم يدعون لزوم التوضؤ لكل فريضة الأعم من الأداء والقضاء. بل المدعى اعتبار التوضؤ لكل صلاة الأعم من الفريضة والنافلة ، وهذا لا يندفع بما ذكر.
ودعوى أن الصلاة منصرفة إلى الفرائض غير مسموعة ، لأن الصلاة صلاة ولا يفرق بين نفلها وفرضها ، وإلاّ لأمكن دعوى انصرافها إلى الأداء دون القضاء مع أنه ممّا لا يلتزم به القائل باختصاص الحكم بالفرائض ، لأنه يلتزم بوجوب الوضوء لكل فريضة في وقتها أو في خارج وقتها.
فلا بدّ في تحقيق الحال من مراجعة الروايات ، وهي على طائفتين :
ففي إحداهما : وجوب الوضوء على المستحاضة بالقليلة في وقت كل صلاة ، كما في صحيحة الصحّاف حيث قال « فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة » (١).
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٤ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٧.