وأمّا إذا اغتسلت فصلّت الفريضة الواحدة ثم أتت بعدها بنافلة فلا دليل على عدم ناقضية الدم الخارج بعد الفريضة ، والمفروض استمرار الدم ، فالدم الخارج منها أثناء النافلة أو قبلها أي بعد الفريضة ناقض للطهارة بمقتضى أدلة النواقض ، فلا تتمكّن المرأة من الإتيان بالنافلة بعد الفريضة بالغسل الذي أتت به لأجل الفريضة.
وأمّا النافلة المتقدمة على الفريضة فهي أيضاً كذلك ولا يجوز للمستحاضة أن تأتي بها بالغسل الذي أتت به قبل النافلة لأجل الفريضة ، وذلك لما أسلفناه من وجوب المبادرة إلى الصلاة بعد الاغتسال ، ومع التراخي كما إذا اغتسلت وأتت بالنافلة وبعدها أرادت الإتيان بالفريضة ، لا تصح صلاتها ولا غسلها ، فإن الغسل الصحيح هو الذي يتعقب بالفريضة من دون تأخير ، وأمّا معه فلا دليل على مشروعية الغسل بوجه إلاّ أن يقوم دليل على عدم قادحية التأخير بإتيان النافلة بين الغسل والفريضة ورواية إسماعيل بن عبد الخالق المتقدمة المشتملة على قوله عليهالسلام « فإذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر ثم تصلِّي ركعتين قبل الغداة ثم تصلِّي الغداة » (١) وإن كانت واردة فيما نحن فيه ، ولا إشكال في دلالتها على الجواز وصحة إتيان النافلة بالغسل الذي أتت به للفريضة ، إلاّ أنها ضعيفة السند بمحمد بن خالد الطيالسي ، فلا يمكن الاعتماد عليها في شيء (٢) ،
ومع بطلان غسلها لا معنى لكونه مجزئاً عن الوضوء ، لأن الذي يغني عن الوضوء هو الغسل المأمور به دون غيره ، وعليه فالمرأة المستحاضة لا تتمكن من الإتيان بالنوافل إلاّ بوضوء بمقتضى إطلاق ما دلّ على أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة أو أنها تتوضأ وتصلِّي.
نعم ، إذا انقطع دمها وطهرت فلا مانع من أن تأتي بنافلتها بالغسل الذي أتت به للفرائض ، وذلك لما قدّمناه (٣) من إغناء كل غسل عن الوضوء.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٧ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٥.
(٢) تقدم أن محمد بن خالد الطيالسي ثقة لوجوده في أسناد كامل الزيارات.
(٣) في شرح العروة ٧ : ٤٠٢.