الإشكال في أنها إذا رأت دماً ولم يحكم بحيضيته فهو استحاضة وإن لم تكن المرأة مستمرّة الدم ، لأجل الملازمة الواقعية على ما تدل عليه الأخبار الآتية ، وما ادعوه من التلازم بين الأمرين صحيح في مثلها ، فإذا رأت بعد عادتها وقبل انقضاء أقل الطهر دماً فلا مناص من الحكم عليه بالاستحاضة وإن لم يكن واجداً لأوصافها كما إذا كان أسود وإن لم تكن المرأة مستمرّة الدم ، وذلك لدلالة جملة من الأخبار الواردة في حيض الحامل على التلازم المدعى بين الأمرين في مثلها.
منها : صحيحة إسحاق بن عمّار ، قال « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم واليومين ، قال : إن كان دماً عبيطاً فلا تصلِّي ذينك اليومين وإن كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين » (١).
وقد تعرّضنا سابقاً لهذه الرواية وقلنا : إن ما ربما يتوهم من كونها منافية للأخبار الدالّة على أن أقل الحيض ثلاثة أيام لقوله عليهالسلام « ترى الدم اليوم واليومين » مندفع بأنها ناظرة إلى حكم المرأة حين رؤيتها الدم ، وتدل على أن وظيفتها الظاهرية هي أن تترك الصلاة إذا كان الدم عبيطاً ، وأمّا بحسب الواقع فهو متوقف على أن يكون الدم مستمراً ثلاثة أيام ، ومع عدمه يستكشف عدم كونه حيضاً ، فلا إشكال في الرواية من هذه الجهة.
وقد دلت هذه الرواية على أن الدم في أمثال الحامل ممن تحيض إذا لم يمكن أن يكون حيضاً لعدم كونه عبيطاً مثلاً فهو استحاضة يجب معها أن تغتسل عند كل صلاتين ، وإنما عبرت بالصفرة من جهة خصوصية المورد ودورانه بين الأحمر والأصفر ، لا لأن الصفرة لازم غير مفارق للاستحاضة ، فالحكم بوجوب الصلاة والغسل مترتب على عدم كون الدم دم حيض بأن لا يكون عبيطاً.
ومنها : صحيحة أبي المَغراء ، قال « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الحبلى قد استبان ذلك منها ، ترى كما ترى الحائض من الدم ، قال : تلك الهراقة ، إن كان دماً
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٣١ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ٦.