والثالثة صحيحة زرارة (١) وقد ورد فيها « وإن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد » وإطلاقها غير خفي ، وأظهر من الجميع الرواية الرابعة وهي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، قال « سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن امرأة نفست فمكثت ثلاثين يوماً أو أكثر ثم طهرت وصلّت ثم رأت دماً أو صفرة ، قال : إن كانت صفرة فلتغتسل ولتصل ولا تمسك عن الصلاة » (٢).
وقد أشرنا سابقاً إلى أنها من المطلقات الدالة على وجوب الغسل في الاستحاضة من دون تقييدها بالمتوسطة ولا الكثيرة ولا التقييد بالغسل مرة واحدة أو أكثر.
إلاّ أنه لا بدّ من الخروج عن إطلاقها في الاستحاضة القليلة بما دلّ على أن الواجب في صحتها هو الوضوء فتختص بالمتوسطة والكثيرة ، وعليه فتدل على أن في المتوسطة والكثيرة لا بدّ من الغسل مرة واحدة من غير تقييده بما إذا حدثت الاستحاضة قبل صلاة الفجر أو بعدها.
كما أن مقتضى مفهومها أن المرأة في مفروض الرواية لو رأت دماً أحمر لم يجب في حقها الاغتسال ، بل لا بدّ من الرجوع إلى أدلّة التمييز والبناء على كونه حيضاً ، لأنه دم رأته بعد نفاسها بثلاثين يوماً ومع كونه واجداً للصفات يحكم بحيضيته.
فتحصل إلى هنا : أن وجوب الغسل الواحد في المتوسطة من آثار ثقب الدم الكرسف من دون فرق بين حدوث الاستحاضة قبل صلاة الفجر أو بعدها ، وما ربما يظهر من كلام صاحب الجواهر (٣) قدسسره من تسالمهم على عدم الوجوب في غير محلِّه.
هذا كلّه في الاستحاضة المتوسطة وكذلك الحال في الاستحاضة الكثيرة ، لأنّ مقتضى إطلاق ما دلّ على انها تغتسل للصبح والظهرين وللعشاءين (٤) عدم الفرق في
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٩٣ / أبواب النفاس ب ٥ ح ٢.
(٣) الجواهر ٣ : ٣٣٨ / في الاستحاضة.
(٤) الوسائل ٢ : ٣٧١ / أبواب الاستحاضة ب ١.