عادتهم على معاملة الاستحاضة مع الدم غير المتصف بالحيضية.
ويدفعه : أن السيرة لا يمكن إحرازها في المسائل التي يقل الابتلاء بها ، ومن الظاهر أن رؤية الصغيرة واليائسة الدم غير المتصف بالحيضية إنما يتحقق مرة في عشرة آلاف أو أقل أو أكثر ، ولا مجال للسيرة في مثله ، وإن اعتمدوا على الإجماع المنقول في ذلك فهو مضافاً إلى عدم حجيته يقتصر فيه على المقدار المتيقن وهو المرأة التي في سن من تحيض.
وإن أرادوا الحكم بالاستحاضة في الصغيرة واليائسة بالأخبار المتقدمة فدون تتميمه خرط القتاد ، وذلك لأنها بأجمعها واردة في من يمكن أن تكون حائضاً تارة ويمكن أن تكون مستحاضة اخرى ، ودار أمر الدم بين الحيض والاستحاضة ولم يكن واجداً لأوصاف الحيض وأماراته ، فقد دلّت في ذلك على أن الدم استحاضة.
ويظهر صدق ما ذكرنا بالتأمل في الأخبار المتقدمة ولا سيما صحيحة الصحّاف حيث دلت على أن النفساء بعد ما مضى عليها عشرون يوماً من وقت حيضها في الشهر الذي ترى فيه الدم إذا رأت دماً فلتتوضأ وتحتشي.
ومن الظاهر أن الحامل يمكن أن تكون حائضاً كما يمكن أن تكون مستحاضة ، ودلت في مثلها على أن الدم إذا لم يمكن أن يكون حيضاً بالإمكان القياسي بأن لم يكن واجداً لأوصافه وشروطه حكم عليه بأنه استحاضة.
وكذلك الحال في روايتي أبي المَغراء وإسحاق بن عمار ، حيث دلتا على أن الحامل التي قد ترى الحيض وقد ترى الاستحاضة إذا رأت الدم ، فإن كان واجداً للأمارات المعتبرة في الحيض من الكثرة الملازمة للحمرة والسواد المعبر عنه بالدم البَحراني أو كونه عبيطاً فهو حيض إذا دام ثلاثة أيام ، وإذا لم يمكن أن يكون حيضاً بالإمكان القياسي لعدم وجدانه الشروط والقيود المعتبرة في الحيض فهو استحاضة.
وكيف كان فالأخبار الدالة على الملازمة الواقعية بين عدم كون الدم حيضاً وكونه استحاضة مختصة بالمرأة القابلة للاتصاف بالحيض والاستحاضة ودار أمر الدم بينهما فلا تشمل الصغيرة واليائسة اللتين لا يحتمل فيهما الحيض بوجه ، وهما غير قابلتين