الامتثال ، ومن ثمة لا يجب عليها الصلاة في المغتسل بعد غسلها ، بل يجوز لها أن تأتي إلى غرفتها وتصلِّي فيها ، فالاشتغال بالمقدمات العادية أو الشرعية للصلاة ليس مانعاً عن صدق المبادرة بوجه. وعليه فاشتغالها بالصلاة المحكومة بالبطلان بعدها لا يعد منافياً للمبادرة الواجبة بوجه ، لعدم توانيها في الامتثال ، فحالها حال المقدّمات.
وأظهر من ذلك ما لو حكم ببطلانها في أثناء الصلاة كما لو شكت بين الثنتين والثلاث قبل إتمام السجدتين ، فإن مثله لا يكون مانعاً عن صدق المبادرة يقيناً ، فلا يجب عليها إعادة الوضوء والغسل ثانياً ، نعم إذا فصلت بينهما بزمان كما إذا أعادت بعد ساعة أو ساعتين وجب عليها الوضوء والغسل جديداً.
وأمّا المعادة استحباباً فهي على عكس المعادة الواجبة ، ولا إشكال في وجوب تجديد الغسل أو الوضوء لها على كل حال ، قلنا بوجوب المبادرة أم لم نقل ، وذلك لأنها صلاة مستحبة مغايرة للصلاة التي اغتسلت أو توضأت لأجلها ، وقد دلت الأخبار (١) المتقدمة على وجوبهما لكل صلاة.
وسيأتي الوجه في توضيح وجوب الغسل لها مع أن النوافل لا يجب فيها الغسل في الاستحاضة ، وإنما يجب فيها الوضوء لكل صلاة فقط.
اللهمّ إلاّ على مسلك فاسد وهو جواز تبديل الامتثال بالامتثال وأن المكلف متمكن من رفع امتثاله السابق وجعله كالعدم بالامتثال الجديد ، فإن الصلاة المعادة هي الصلاة الأولية ، فيبتني وجوب الغسل أو الوضوء لها على القول بوجوب المبادرة وعدمه ويأتي فيه ما قدمناه.
إلاّ أنّا ذكرنا في بحث الاجزاء (٢) أن الامتثال بعد الإتيان بالمأمور به أمر عقلي ، وليس اختياره بيد المكلف ليرفعه ويبدله ، فالامتثال غير قابل للتبديل بوجه.
وأمّا الصلاة المعادة جماعة إماماً أو مأموماً فقد ظهر حكمها مما بيناه ، فإنها صلاة
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧١ / أبواب الاستحاضة ب ١.
(٢) في محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٢٢٥.