فتقول له بالعربيّة : لو برزت في زيّ سليمان بن داود ، وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة فاشفق على مالك.
فيقول النخّاس : فما الحلية ولا بدّ من بيعك.
فتقول الجارية : وما العجلة ولا بدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى وفائه وأمانته.
فعند ذالك قم إلى عمرو بن يزيد النخّاس وقل له : إنّ معك كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة روميّة وخطّ روميّ ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه ، فناولها لتتأمّل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.
قال بشر بن سليمان ، فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبوالحسن عليهالسلام في أمر الجارية فلمّا نظرت في الكتاب بكت بكاء شديداً وقالت لعمر بن يزيد :
بعني من صاحب هذا الكتاب ، وحلفت بالمحرّجة والمغلّظة (١) إنّه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها ، فما زلت أشاحّه في ثمنها حتّى استقرّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليهالسلام من الدنانير فاستوفاه (منّي) وتسلّمت الجارية ضاحكة مستبشرة ، وانصرفت بها الى الحجيرة الّتي كنت آوي إليها ببغداد ، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا عليهالسلام من جيبها وهي تلثمة وتطبّقه على جفنها وتضعه على خدّها وتمسحه على بدنها.
فقلت تعجّباً منها تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه.
فقالت أيّها العاجز الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء أعرني سمعك وفرّغ لي قلبك ، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الرّوم ، وأمّي من ولد الحواريّين تنسب إلى وصيّ المسيح شمعون أنبّئك بالعجب.
إنّ جدّي قيصر أراد أن يزوّجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة
__________________
١ ـ المغلّظة : المؤكدة من اليمين ، والمحرّجة : اليمين الّتي تضيق مجال الحالف بحيث لا يبقي له مندوحة عن برّ قسمة (هامش البحار).