إذا لم يكن هناك أصل لفظي من عموم أو إطلاق ، وليس المرجع في مثله المرجحات السندية ، وذلك لعدم تمامية جريان مقدّمات الحكمة في كل منهما في هذا الحال ، فلا موجب لترجيح أحدهما على الآخر إذا كان واجداً للترجيح ، ومقتضى الأصل العملي في المقام هو التخيير ، حيث إنّا نعلم إجمالاً بوجوب أحدهما من الخارج ، فيكون المرجع أصالة عدم اعتبار خصوصية هذا وخصوصية ذاك. ونتيجة ذلك هي جزئية الجامع بينهما من دون اعتبار أيّة خصوصية.
وقد تحصّل مما ذكرناه : أنّ الرجوع إلى مرجحات باب التعارض منحصر في خصوص القسم الرابع فحسب ، أمّا في الأقسام الباقية فلا يرجع في شيء منها إلى تلك المرجحات أبداً. هذا كلّه إذا كان الأمر دائراً بين جزأين أو شرطين مختلفين في النوع.
وأمّا إذا كان الأمر دائراً بين فردين من نوع واحد ، كما إذا دار الأمر بين ترك القيام في الركعة الاولى وتركه في الركعة الثانية ، أو دار الأمر بين ترك القراءة في الركعة الاولى وتركها في الثانية وهكذا ، ففي أمثال هذه الموارد الدليل على وجوب ذلك وإن كان واحداً في مقام الاثبات والابراز ، إلاّ أنّه في الواقع ينحل بانحلال أفراد هذا النوع ، فيثبت لكل منها وجوب ، وعليه فلا محالة تقع المعارضة بين وجوب هذا الفرد ووجوب ذاك الفرد ـ بمعنى استحالة جعل وجوب كليهما معاً في هذا الحال ـ ففي هذين المثالين تقع المعارضة بين وجوب القيام في الركعة الاولى ووجوبه في الثانية ، وبين وجوب القراءة في الاولى ووجوبها في الثانية وهكذا ، للعلم الاجمالي بجعل أحدهما في الواقع ، واستحالة جعل كليهما معاً ، ومن الواضح أنّا لا نعني بالتعارض إلاّ التنافي بين الحكمين بحسب مقام الجعل ، وهو موجود في أمثال تلك الموارد.