بين ترك الطهور في الصلاة وترك جزء أو قيد آخر ، فلا إشكال في تقديم الطهور على غيره على كلا المسلكين.
أمّا على مسلك من بنى ذلك على باب التزاحم فواضح ، لكون الطهور أهم من غيره ، ومن هنا قلنا بسقوط الصلاة لفاقده ، وهذا واضح.
وأمّا على مسلك من بنى ذلك على باب التعارض فأيضاً كذلك ، والوجه فيه ما ذكرناه غير مرّة من أنّ الطهور مقوّم للصلاة فلا تصدق الصلاة بدونه ، ولذا ورد في الرواية أنّ « الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث منها الركوع ، وثلث منها السجود ، وثلث منها الطهور » (١) ، وقد ذكرنا في محلّه (٢) أنّ الركوع والسجود بعرضهما العريض ركنا الصلاة وثلثاها ، لا بخصوص مرتبتهما العالية ، كما أنّا ذكرنا أنّ المراد من الطهور الذي هو ركن للصلاة الجامع بين الطهارة المائية والترابية ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّ الصلاة لا تسقط بحال ، فلو سقطت مرتبة منها لم تسقط مرتبة اخرى منها وهكذا ، للنصوص الدالة على ذلك كما عرفت.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين : هي أنّه لا بدّ في مقام دوران الأمر بين الطهور وغيره من تقديم الطهور ، ضرورة أنّه في فرض العكس ـ أي تقديم غيره عليه ـ لا صلاة لتجب مع ذلك القيد ، بل إذن لا تعارض ولا دوران في البين أصلاً ، ضرورة أنّ التعارض بين دليلي الجزأين أو الشرطين أو الشرط والجزء إنّما يتصور مع فرض وجود الموضوع وهو حقيقة الصلاة ، ليكون وجوبها ثانياً بدليل خاص موجباً للتعارض بينهما ، وأمّا إذا فرض دوران الأمر بين ما هو مقوّم لحقيقة الصلاة وغيره ، فيتعين تقديم الأوّل وصرف
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٣١٠ / أبواب الركوع ب ٩ ح ١ ( مع اختلاف يسير )
(٢) راجع المجلد الأوّل من هذا الكتاب ص ١٨٦ ـ ١٨٨