ومنها : ما إذا دار الأمر بين ترك الطمأنينة في الركن كالركوع والسجود وما شاكلهما ، وتركها في غيره كالأذكار والقراءة ونحوهما ، فعلى الأوّل يتعين سقوط قيد غير الركن ، لكون قيده أهم منه ، فيتقدّم الأهم في باب المزاحمة. وعلى الثاني فلا وجه للتقديم أصلاً ، لما عرفت من أنّ الدليل على اعتبار الطمأنينة هو الاجماع ، ومن المعلوم أنّه لا إجماع في هذا الحال ، وعليه فنرجع إلى أصالة البراءة عن اعتبار خصوصية هذا وخصوصية ذاك ، فتكون النتيجة هي التخيير.
ومنها : ما إذا دار الأمر بين القيام المتصل بالركوع والقيام في حال القراءة ، فبناءً على الأوّل لابدّ من تقديم القيام المتصل بالركوع على القيام في حال القراءة ، لكونه أهم منه ، إمّا من جهة أنّه بنفسه ركن أو هو مقوّم للركن كالركوع ، ولذا حكم شيخنا الاستاذ قدسسره بتقديمه عليه في الفروعات المتقدمة. وبناءً على الثاني فلا وجه للتقديم أصلاً ، بل الأمر في مثله العكس ، وذلك لما أشرنا إليه من أنّ المستفاد من صحيحة جميل بن دراج المتقدمة (١) وجوب القيام عند تمكن المكلف منه فعلاً ، والمفروض أنّ المكلف في مثل المقام قادر فعلاً على القيام في حال القراءة ، فإذا كان الأمر كذلك يتعين عليه ولا يجوز له تركه باختياره وإرادته.
فما ذكره قدسسره من الكبريات التي بنى فيها على إعمال قواعد باب التزاحم ومرجحاته لا يرجع إلى معنىً محصّل أصلاً ، وقد عرفت أنّ تلك الكبريات جميعاً داخلة في باب التعارض ، فالمرجع فيها هو قواعد ذلك الباب ، ولأجل ذلك تختلف نظريتنا فيها عن نظرية شيخنا الاستاذ قدسسره تماماً ، وإن كانت النتيجة في بعضها واحدة على كلتا النظريتين ، وذلك كما إذا دار الأمر
__________________
(١) في ص ١٢١