يدور مدار علم الحاكم بوجود شروط الحكم ، وأمّا نفس وجودها في الخارج أو عدمها فيه فهو أجنبي عن الحكم بالكلّية ، لا يتم أيضاً وذلك لأنّ علم الحاكم الذي له دخل في جعل هذا الحكم ليس علمه بما هو صفة نفسانية قائمة بها مع قطع النظر عمّا تعلق به من الموجودات الخارجية ، ضرورة أنّ علمه بوجود شرطه في الخارج يدعو إلى جعل هذا الحكم ، كما أنّ علمه بعدم وجوده فيه داعٍ لعدم جعله ، فيما إذا لم يكن الغرض منه عدم تحقق شرطه وموضوعه كالأمثلة المتقدمة. فإذن يقع الكلام في أنّه هل يجوز للمولى أن يأمر عبده بفعلٍ مشروطاً بشيء مع علمه بانتفاء ذلك الشيء في الخارج وعدم تحققه فيه أصلاً أم لا ، ومن المعلوم أنّ النزاع فيه نزاع في أمر معقول.
وقد تحصّل مما ذكرناه امور :
الأوّل : أنّه لا فرق فيه بين القضية الحقيقية والقضية الخارجية ، فهما من هذه الناحية على نسبة واحدة.
الثاني : أنّ الصحيح في المسألة هو التفصيل بين ما إذا كان انتفاء الشرط مستنداً إلى نفس الجعل ، وما إذا كان مستنداً إلى عجز المكلف أو نحوه ، كما سبق بشكل واضح.
الثالث : أنّه لا ثمرة لهذه المسألة أصلاً ، ولا تترتب على البحث عنها أيّة فائدة عملية ما عدا فائدة علمية. وأمّا ما ذكر من الثمرة لها من وجوب الكفارة على من أفطر في نهار شهر رمضان مع عدم تمامية شرائط الوجوب له إلى الليل ، كما إذا أفطر أوّلاً ثمّ سافر أو وجد مانع آخر من الصوم كالمرض أو نحوه ، فليس ثمرة لتلك المسألة اصلاً ، وذلك لأنّ عروض المانع من الصوم في أثناء اليوم وإن كان يكشف عن عدم وجوبه عليه من الأوّل ، ضرورة أنّه واجب واحد ارتباطي ، ولذا لو طرأ على الصائم مانع من الصوم واضطرّ إلى