أوّلاً : أنّها مخالفة لظواهر الأدلة ، فانّ الظاهر من العطف بكلمة ( أو ) هو أنّ الواجب أحدهما لا كلاهما.
وثانياً : أنّ فرض كون الغرضين متضادين فلا يمكن الجمع بينهما في الخارج مع فرض كون المكلف قادراً على إيجاد كلا الفعلين فيه بعيد جداً ، بل هو ملحق بأنياب الأغوال ، ضرورة أنّا لا نعقل التضاد بين الغرضين مع عدم المضادّة بين الفعلين ، فإذا فرض أنّ المكلف متمكن من الجمع بينهما خارجاً فلا مانع من إيجابهما معاً عندئذ.
وثالثاً : أنّا لو سلّمنا ذلك فرضاً وقلنا بالمضادة بين الغرضين وعدم إمكان الجمع بينهما في الخارج ، إلاّ أنّ من الواضح جداً أنّه لا مضادة بين تركيهما معاً ، فيتمكن المكلف من ترك كليهما بترك الاتيان بكلا الفعلين خارجاً ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّ العقل مستقل باستحقاق العقاب على تفويت الغرض الملزم ، ولا يفرق بينه وبين تفويت الواجب الفعلي. ومن ناحية ثالثة : أنّ فيما نحن فيه وإن لم يستحقّ العقاب على ترك تحصيل أحد الغرضين عند تحصيل الآخر من جهة عدم إمكان الجمع بينهما في الخارج ، إلاّ أنّه لا مانع من استحقاق العقاب عليه عند تركه تحصيل الآخر.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي : هي أنّه يستحقّ العقابين عند جمعه بين التركين ، لفرض أنّه مقدور له فلا يكون العقاب عليه عقاباً على ما ليس بالاختيار. هذا نظير ما ذكرناه في بحث الترتب (١) وقلنا هناك إنّ المكلف يستحق عقابين عند جمعه بين ترك الأهم والمهم معاً ، وأ نّه ليس عقاباً على ما لا يكون بالاختيار ، لفرض أنّ الجمع بينهما مقدور له ، وفيما نحن فيه كذلك ، إذ
__________________
(١) في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٤٤٤