أصلاً ، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون للأقل وجود مستقل في ضمن الأكثر كتسبيحة واحدة في ضمن تسبيحات ثلاث ، وأن لا يكون له وجود كذلك كالخط القصير في ضمن الخط الطويل ، والوجه فيه ما عرفت من أنّ الغرض إنّما يترتب على حصة خاصة من الأقل ، وعليه فكما أنّه لا أثر لوجود الخط القصير في ضمن الخط الطويل ولا يكون محصّلاً للغرض ، فكذلك لا أثر لوجود تسبيحة واحدة في ضمن تسبيحات ثلاث ، لفرض أنّ الغرض إنّما يترتب عليها فيما إذا لم تكن في ضمنها لا مطلقاً ، وعلى هذا فلا مناص من الالتزام بالتخيير بينهما.
الثانية : أنّ الغرض إذا كان واحداً فيكون الواجب هو الجامع بينهما ، لفرض أنّ المؤثر في الواحد لا يكون إلاّ الواحد بالسنخ ، وحيث إنّ الغرض واحد على الفرض ، فالمؤثر فيه لا بدّ أن يكون واحداً ، لاستحالة تأثير الكثير في الواحد ، وذلك الواحد هو الجامع بينهما ، فإذن لا محالة يكون الواجب هو ذلك الجامع لا غيره ، وعليه فيكون التخيير بينهما عقلياً لا شرعياً ، وأمّا إذا كان متعدداً فالتخيير بينهما شرعي كما تقدّم.
الثالثة : أنّ الغرض إذا كان مترتباً على خصوص الأقل من دون دخل للزائد فيه أصلاً ، فلا يكون الأكثر عدلاً له ، بل كان فيه اجتماع الوجوب وغيره ، سواء أكان ذلك الغير استحباباً أو غيره.
ولنأخذ بدرس هذه النقاط :
أمّا النقطة الاولى : فهي وإن كانت في غاية الصحة والمتانة في نفسها ، إلاّ أنّها خاطئة بالاضافة إلى مفروض الكلام وهو التخيير بين الأقل والأكثر ، وذلك لأنّ ما فرضه صاحب الكفاية قدسسره وإن كان تخييراً بينهما صورةً ، إلاّ أنّ من الواضح جداً أنّه بحسب الواقع والحقيقة تخيير بين المتباينين ،