وكذا قوله تعالى : ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ )(١) وقوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّبطهور » (٢) وقوله عليهالسلام : « لا سهو للإمام إذا حفظ عليه مَن خلفه ، ولا سهو للمأموم إذا حفظ عليهم الإمام » (٣) وغير ذلك من الجملات ، سواء أكانت في مقام الإخبار أو الإنشاء ـ أي سواء أكانت كلمة لا النافية بمعناها أو بمعنى النهي ـ فانّه على كلا التقديرين مقتضى الاطلاق فيها هو العموم الشمولي دون البدلي ، وذلك ضرورة أنّه لا يمكن أن يريد المولى من النفي أو النهي نفي فردٍ مّا أو النهي عنه ، لأنّه لغو محض فلا يصدر من الحكيم. فإذن لا محالة يدور الأمر بين أن يراد منه نفي جميع أفراد الطبيعة ، أو النهي عن جميعها ، أو نفي بعضها المعيّن ، أو النهي عنه كذلك ، وحيث إنّ إرادة الثاني تحتاج إلى قرينة ، فإذا لم تكن قرينة في البين يتعيّن إرادة الأوّل لا محالة. وهذا معنى كون نتيجة مقدّمات الحكمة فيها شمولياً ، وأ نّها تكشف عن الاطلاق في مقام الثبوت.
عدّة خطوط فيما ذكرناه.
الأوّل : أنّ النهي موضوع للدلالة على إبراز اعتبار المولى حرمان المكلف عن الفعل في الخارج ، كما أنّ الأمر موضوع للدلالة على إبراز اعتبار المولى الفعل على ذمّة المكلف ، ومن هنا يصح تفسير النهي بالحرمة والأمر بالوجوب ، باعتبار دلالة الأوّل على حرمان المكلف عن الفعل ، والثاني على ثبوته في ذمّته.
الثاني : أنّ حقيقة النهي هو ذلك الأمر الاعتباري ، كما أنّ حقيقة الأمر
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٩٧
(٢) الوسائل ١ : ٣٦٥ / أبواب الوضوء ب ١ ح ١
(٣) الوسائل ٨ : ٢٣٩ / أبواب الخلل في الصلاة ب ٢٤