وعلى الثاني ، لا يسقط الأمر عنه بالضرورة ، لفرض أنّ الواجب هو الجامع ، لا خصوص الفرد المضطر إليه ، والمفروض أنّه مقدور للمكلف ، ومعه لا محالة لا يسقط عنه ، فيكون نظير ما لو اضطرّ المكلف إلى ترك الصلاة في بعض أوقاتها ، فانّه لا إشكال في أنّ ذلك لا يوجب سقوط الأمر بالصلاة عنه ، لفرض أنّ الواجب هو الجامع بين المبدأ والمنتهى ، لا خصوص هذا الفرد المضطر إليه أو ذاك ، وهذا واضح.
وعلى الصورة الثانية ، وهي ما كانت المصلحة قائمةً بتمام تروك الطبيعة على نحو الانحلال والعموم الاستغراقي ، فلا بدّ من الاقتصار على خصوص الفرد المضطر إليه ، ولا يجوز ارتكاب فرد آخر زائداً على هذا الفرد ، والوجه فيه واضح ، وهو أنّ المجعول في هذه الصورة على الفرض أحكام متعددة بعدد تروك أفراد هذه الطبيعة في الخارج ، فيكون ترك كل واحد منها واجباً مستقلاً ومناطاً للاطاعة والمعصية ، ومن الظاهر أنّ الاضطرار إلى ترك واجب لا يوجب جواز ترك واجب آخر ، وفي المقام الاضطرار إلى إيجاد فردٍ منها في الخارج لا يوجب جواز إيجاد فرد آخر منها ... وهكذا ، ضرورة أنّ سقوط التكليف عن بعض منها ـ لأجل اضطرار أو نحوه ـ لا يوجب سقوطه عن آخر ، وجواز عصيانه بعد ما كان التكليف المتعلق بكل منهما تكليفاً مستقلاً غير مربوط بالآخر ، فانّه بلا موجب ، ومن المعلوم أنّ سقوط التكليف بلا موجب وسبب محال.
وعلى الصورة الثالثة ، وهي ما كانت المصلحة قائمةً بمجموع التروك الخارجية على نحو العموم المجموعي ، لا محالة يسقط التكليف المتعلق بالمجموع المركب من هذه التروك ، لفرض أنّه تكليف واحد شخصي متعلق به ، فإذا فرض أنّ المكلف لا يقدر عليه لاضطراره إلى إيجاد بعض أفراد هذه الطبيعة في الخارج ، ومعه لا يتمكن من ترك هذه الطبيعة فيه بجميع أفرادها ، وإذا لم يتمكن منه فلا محالة