وهكذا ...
فالنتيجة : هي أنّه لا دليل على وجوب التخفيف الحكمي والكيفي.
وعلى الصورة الثالثة : وهي ما كان المطلوب مجموع تروك الطبيعة على نحو العموم المجموعي ، فلا يجب التقليل والاقتصار على خصوص الفرد المضطر إليه ، والوجه في ذلك واضح ، وهو أنّ المطلوب في هذه الصورة تقيد الصلاة بترك مجموع أفراد هذه الطبائع في الخارج على نحو العام المجموعي ، وليس ترك كلٍّ منها مطلوباً مستقلاً ، بل المجموع مطلوب بطلب واحد شخصي.
وعلى هذا فإذا فرض أنّ المكلف اضطرّ إلى إيجاد بعض أفراد تلك الطبائع في الصلاة ، لا يقدر على إتيان الصلاة مقيدةً بالقيد المزبور. وعليه فلا أثر لايجاد فردٍ آخر غير هذا الفرد المضطر إليه ، ضرورة أنّه سواء أوجد فرداً آخر غيره أم لم يوجد ، فلا يقدر على الصلاة مع ذلك القيد.
وإن شئت قلت : إنّ مردّ هذه الصورة إلى أنّ المانع عن الصلاة إنّما هو الوجود الأوّل ، ضرورة أنّ معه ينتفي القيد المذكور. ومن المعلوم أنّه مع انتفائه لا أثر للوجود الثاني والثالث وهكذا ... ولا يتصف شيء منهما بالمانعية ، لعدم المقتضي لهذا الاتصاف أصلاً ، كما هو ظاهر. وعلى هذا يجوز له إيجاد فرد آخر بارادته واختياره.
ويترتب على ذلك : أنّه في الأمثلة المتقدمة لا يجب عليه التقليل ، بل له أن يصلّي مع نجاسة ثوبه وبدنه مع فرض تمكنه من تطهير أحدهما وإزالة النجاسة عنه ، بل لو كان عنده ثوبان متنجسان يجوز له أن يصلّي فيهما معاً عند اضطراره إلى الصلاة في أحدهما ، ولا يجب عليه الاقتصار فيها على أحدهما ، والسر فيه : ما ذكرناه من أنّ الصلاة متقيّدة بمجموع تروك أفراد النجس أو الميتة أو ما لا يؤكل أو نحو ذلك على نحو العموم المجموعي ، ففيها تقييد واحد بالاضافة إلى