المبحوث عنه فيها إنّما هو ثبوت الملازمة بين النهي عن عبادة وفسادها وعدم ثبوت هذه الملازمة ، بعد الفراغ عن ثبوت الصغرى ، وهي تعلق النهي بالعبادة ، وأمّا النزاع في مسألتنا هذه فقد عرفت أنّه صغروي ، لفرض أنّ المبحوث عنه فيها هو سراية النهي من متعلقه إلى متعلق الأمر ، وعدم سرايته.
وعلى ضوء هذا فالبحث في هذه المسألة بحث عن إثبات الصغرى للمسألة الآتية ، فانّها على القول بالامتناع وسراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به ، تكون من إحدى صغرياتها ومصاديقها دون القول الآخر.
فالنتيجة : أنّ النقطة الرئيسية لامتياز إحدى المسألتين عن الاخرى هي أنّ جهة البحث في إحداهما صغروية وفي الاخرى كبروية.
ومن هنا يظهر فساد ما أفاده المحقق صاحب الفصول قدسسره (١) من الفرق بين المسألتين ، وحاصل ما أفاده : هو أنّ هذه المسألة تمتاز عن المسألة الآتية في أنّ النزاع في هذه المسألة فيما إذا تعلق الأمر والنهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة والذات ، وإن كانت النسبة بينهما العموم المطلق كما إذا أمر المولى عبده بالحركة ونهاه عن القرب في مكان مخصوص ، فانّ عنوان الحركة وعنوان القرب عنوانان متغايران بالذات ، مع أنّ النسبة بينهما بحسب الخارج عموم مطلق ، ضرورة أنّ العبرة إنّما هي بتغاير ما تعلق به الأمر وما تعلق به النهي ، لا بكون النسبة بينهما عموماً من وجه ، وإن كان الغالب أنّ النسبة بين الطبيعتين المتغايرتين كذلك عموم من وجه ، وقلّما يتّفق أن تكون النسبة بينهما عموماً مطلقاً. والنزاع في تلك المسألة فيما إذا كان متعلق الأمر والنهي متحدان بحسب الذات والحقيقة ، ومختلفان بمجرد الاطلاق والتقييد ، بأن تعلق الأمر بالطبيعة
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ١٢٤