ملاك أم لم يكن ، وإن كان متعدداً كذلك من ناحية ، ولم نقل بسراية الحكم من الملزوم إلى اللاّزم من ناحية اخرى ، فلا بدّ من الالتزام بالجواز كذلك ، ومن الواضح جداً أنّ تلك الركيزة لا تختص بمذهب دون آخر وبحالة دون اخرى ، وأجنبية عن القول بالتبعية بالكلّية ، ضرورة أنّه لا فرق في استحالة اجتماع الضدّين بين وجهة نظر دون آخر ، كما هو ظاهر.
وأمّا الخط الثاني : فيقع الكلام فيه من ناحيتين :
الاولى : في بيان مراده قدسسره من الحكم الفعلي.
الثانية : في بيان مراده من الحكم الاقتضائي.
أمّا الناحية الاولى : فإن أراد قدسسره من الحكم الفعلي الحكم الذي بلغ إلى مرتبة البعث أو الزجر فقد ذكرنا غير مرّة أنّ بلوغ الحكم إلى تلك المرتبة يتوقف على وجود موضوعه بجميع شرائطه وقيوده في الخارج ، ضرورة استحالة فعلية الحكم بدون فعلية موضوعه كذلك ، فما لم يتحقق موضوعه خارجاً يستحيل أن يكون الحكم فعلياً ، فتتبع فعلية الحكم فعلية موضوعه حدوثاً وبقاءً ، ومن هنا لا يلزم أن تكون فعليته حين جعله وإبرازه في الخارج ، بل هي غالباً متأخرة عنه ، بل ربّما تتأخر عنه بآلاف سنين.
والسر فيه : هو أنّ الأحكام الشرعية مجعولة على نحو القضايا الحقيقية ، أعني للموضوعات المقدّر وجودها في الخارج ، ولا يتوقف جعلها على وجودها فيه أبداً ، ضرورة أنّه يصح جعلها لها من دون أن يتوقف على وجود شيء منها في الخارج ، مثلاً وجوب الحج مجعول للعاقل البالغ القادر المستطيع مع بقية الشرائط ، ووجوب الصوم مجعول للبالغ العاقل القادر الداخل عليه شهر رمضان مع سائر الشرائط وهكذا ... ولا يتوقف جعلها على وجود موضوعها خارجاً ، ولكن فعلية تلك الأحكام وتحققها في الخارج تتوقف على