والوجه في ذلك ظاهر ، وهو أنّ ما يتحقق به الغصب هو الكون فيها الذي هو من مقولة الأين ، وأمّا الأفعال الخاصة كالأكل والنوم والشرب وما شاكل ذلك فليست مصداقاً للغصب ، ضرورة أنّ الأكل ليس مما يتحقق به الغصب وكذا النوم والشرب وما شابه ذلك في مفروض الكلام ، بل الغصب يتحقق بالكون فيها ، ومن الواضح أنّه لا مانع من اشتراط الأمر بالصلاة به ، ولا يلزم شيء من المحذورين المذكورين. أمّا عدم لزوم محذور طلب الجمع بين الضدّين فلفرض أنّ الكون فيها ليس مضاداً لها ، بل هو ملازم معها وجوداً ويجتمع معها خارجاً. وأمّا عدم لزوم محذور اشتراط الأمر بالشيء بوجوده وتحققه في الخارج ، فلأ نّه مبني على أنّ الكون فيها متحد مع الصلاة خارجاً ويكون عينها فيه ، ولكنّك عرفت أنّه خلاف مفروض الكلام في المقام ، فانّ المفروض هو أنّه مغاير لها وجوداً ، فانّ الكلام في المقام مبني على القول بالجواز وتعدد المجمع في مورد الاجتماع وجوداً وماهية ، فإذن لا محذور أبداً.
ونتيجة ما ذكرناه : هي أنّه لا مانع من الحكم بصحة العبادة في مورد الاجتماع من ناحية الترتب.
ولو تنزّلنا عن ذلك أيضاً وسلّمنا أنّه لا يمكن تصحيح العبادة هنا بالترتب ، إلاّ أنّه لا مانع من الحكم بصحتها من ناحية الملاك على وجهة نظره قدسسره من تسليم اشتمالها على الملاك ، وذلك لأنّ ما أفاده قدسسره من أنّ الملاك في المقام لايكون مقرّباً من جهة القبح الفاعلي غير تام ، والوجه فيه ما ذكرناه غير مرّة من أنّ الايجاد عين الوجود في الخارج ذاتاً وحقيقة ، والاختلاف بينهما إنّما هو في الاضافة ، فالشيء الواحد باعتبار إضافته إلى الفعل وجود ، وباعتبار إضافته إلى الفاعل إيجاد ، ويترتب على ذلك أنّ الوجود إذا كان متعدداً في الخارج فلا محالة يكون الايجاد أيضاً متعدداً فيه ، ولا يعقل أن يكون واحداً ،