تقصيراً ، فانّه وإن كان متمكناً مع عدم الالتفات من قصد القربة وقد قصدها ، إلاّ أنّه مع التقصير لا يصلح أن يتقرب به أصلاً فلا يقع مقرّباً ، وبدونه لا يكاد يحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادة كما لا يخفى.
وأمّا إذا لم يلتفت إليها قصوراً وقد قصد القربة باتيانه ، فالأمر يسقط لقصد التقرب بما يصلح أن يتقرب به ، لاشتماله على المصلحة مع صدوره حسناً ، لأجل الجهل بحرمته قصوراً ، فيحصل به الغرض من الأمر فيسقط به قطعاً وإن لم يكن امتثالاً ، بناءً على تبعية الأحكام لما هو الأقوى من جهات المصالح والمفاسد واقعاً ، لا لما هو المؤثر منها فعلاً للحسن أو القبح ، لكونهما تابعين لما علم منهما ، كما حقق في محلّه. مع أنّه يمكن أن يقال بحصول الامتثال مع ذلك ، فانّ العقل لا يرى تفاوتاً بينه وبين سائر الأفراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها ، وإن لم تعمه بما هي مأمور بها ، لكنّه لوجود المانع لا لعدم المقتضي.
ومن هنا انقدح أنّه يجزئ ولو قيل باعتبار قصد الامتثال في صحة العبادة ، وعدم كفاية الاتيان بمجرد المحبوبية ، كما يكون كذلك في ضدّ الواجب حيث لا يكون هناك أمر يقصد أصلاً. وبالجملة مع الجهل قصوراً بالحرمة موضوعاً أو حكماً يكون الاتيان بالمجمع امتثالاً وبداعي الأمر بالطبيعة لا محالة ، غاية الأمر أنّه لا يكون مما يسعه بما هي مأمور بها ، لو قيل بتزاحم الجهات في مقام تأثيرها للأحكام الواقعية ، وأمّا لو قيل بعدم التزاحم إلاّفي مقام فعلية الأحكام لكان مما يسعه وامتثالاً لأمرها بلا كلام.
وقد انقدح بذلك الفرق بين ما إذا كان دليلا الحرمة والوجوب متعارضين وقدّم دليل الحرمة تخييراً أو ترجيحاً ، حيث لا يكون معه مجال للصحة أصلاً ، وبين ما إذا كانا من باب الاجتماع ، وقيل بالامتناع وتقديم جانب الحرمة ، حيث يقع صحيحاً في غير مورد من موارد الجهل والنسيان ، لموافقته للغرض