عندئذ ، وذلك لأنّه على هذا الفرض متمحض في كونه مصداقاً للمأمور به دون المنهي عنه ، ولذا لا يكون الاتيان به وقتئذ معصيةً أيضاً. وأمّا على تقدير تقديم جانب الحرمة على الوجوب فبما أنّ المجمع لا يكون حينئذ مصداقاً للمأمور به ، ضرورة أنّ الحرام لا يعقل أن يكون مصداقاً للواجب ، فلا يحصل الامتثال باتيانه إذا كان الواجب عبادياً ، ضرورة أنّه مع الالتفات إلى الحرمة لا يمكن قصد التقرب به المعتبر في صحته. وأمّا إذا كان توصلياً فيسقط أمره باتيانه ، لفرض أنّ الغرض منه يحصل بمجرد وجوده وتحققه في الخارج ولو كان في ضمن فعل محرّم ، هذا إذا كان عالماً بالحرمة.
وأمّا إذا كان جاهلاً بها فمرّة يكون جهله عن تقصير ، واخرى عن قصور.
أمّا على الأوّل ، فتكون عبادته فاسدة ، والوجه في ذلك : هو أنّ صحة العبادة ترتكز على ركائز : ١ ـ أن يكون الفعل في نفسه قابلاً للتقرب. ٢ ـ أن يقصد المكلف التقرب به. ٣ ـ أن لا يكون صدوره منه قبيحاً ومبغوضاً.
ثمّ إنّ الركيزة الاولى والثانية وإن كانتا موجودتين هنا ، باعتبار أنّ المكلف بما أنّه كان جاهلاً بالحرمة فيتمشّى منه قصد القربة ، والمفروض أنّ الفعل لاشتماله على الملاك قابل لأن يتقرب به في نفسه ، إلاّ أنّ الركيزة الثالثة غير موجودة هنا ، وذلك لأنّ الفعل وإن كان في نفسه قابلاً للتقرب من ناحية اشتماله على الملاك ، إلاّ أنّه حيث كان فعلاً مبغوضاً للمولى كما هو المفروض من ناحية ، وجهله كان عن تقصير من ناحية اخرى ، فلا يكون صدوره منه حسناً ، بل يكون قبيحاً ومبغوضاً ، فإذن لايمكن الحكم بصحة العبادة الفاقدة لتلك الركيزة.
وأمّا على الثاني ، فتكون صحيحة وذلك لتوفر تلك الركائز فيه.
أمّا الركيزة الاولى ، فلأنّ الفعل من ناحية اشتماله على الملاك قابل للتقرب