الثانية : ما نصّه : أنّه لا شبهة في أنّ متعلق الأحكام هو فعل المكلف وما هو في الخارج يصدر عنه وهو فاعله وجاعله ، لا ما هو اسمه ، وهو واضح ، ولا ما هو عنوانه مما قد انتزع عنه بحيث لولا انتزاعه تصوراً واختراعه ذهناً لما كان بحذائه شيء خارجاً ، ويكون خارج المحمول كالملكية والزوجية والرقية والحرّية والمغصوبية إلى غير ذلك من الاعتبارات والاضافات ، ضرورة أنّ البعث ليس نحوه والزجر لا يكون عنه ، وإنّما يؤخذ في متعلق الأحكام آلةً للحاظ متعلقاتها ، والاشارة إليها بمقدار الغرض منها والحاجة إليها ، لا بما هو هو وبنفسه وعلى استقلاله وحياله.
مردّ هذه المقدّمة إلى أنّ الأحكام الشرعية لم تتعلق بالأسماء والألفاظ ، ولا بالعناوين الانتزاعية التي لا مطابق لها في الخارج أصلاً ، وإنّما تتعلق تلك الأحكام بأفعال المكلفين الصادرة عنهم خارجاً ، ضرورة أنّ الغرض سواء أكان مصلحة أو مفسدة أم كان غيرهما لا يترتب على الأسماء والألفاظ المجردة ، ولا على العناوين الانتزاعية التي لا واقع موضوعي لها ، وإنّما يترتب على تلك الأفعال فحسب ، وهذا ظاهر.
الثالثة : ما لفظه : أنّه لا يوجب تعدد الوجه والعنوان تعدد المعنون ، ولا تنثلم به وحدته ، فانّ المفاهيم المتعددة والعناوين الكثيرة ربما تنطبق على الواحد وتصدق على الفارد الذي لا كثرة فيه من جهة ، بل بسيط من جميع الجهات ، ليس فيه حيث غير حيث وجهة مغايرة لجهته أصلاً ، كالواجب ( تبارك وتعالى ) فهو على بساطته ووحدته وأحديته تصدق عليه مفاهيم الصفات الجلالية والجمالية ، له الأسماء الحسنى والأمثال العليا ، لكنّها بأجمعها حاكية عن ذاك الواحد الفرد الأحد :
عباراتنا شتّى وحسنك واحد |
|
وكل إلى ذاك الجمال يشير |