فلا مضادة بينها قبل وجوداتها ، بل هي من الامور الاعتبارية التي ليس لها واقع موضوعي ، وقد تقدّم أنّه لا مضادة بينها بالذات والحقيقة ، والمضادة بينها إمّا من ناحية المبدأ أو من ناحية المنتهى. أمّا من ناحية المبدأ ، فالمضادة بينها إنّما هي في مرتبة جعلها ، فلا يمكن جعل الوجوب والحرمة على شيء واحد ، ومن الواضح أنّ المضادة في هذه المرتبة لا تتوقف على فعليتهما وبلوغهما حدّ البعث والزجر ، ضرورة أنّ المضادة بين نفس الجعلين ، فلا يمكن تحقق كليهما معاً. وأمّا من ناحية المنتهى ، فالمضادة بينها وإن كانت في مرتبة فعليتها ، إلاّ أنّها بالعرض والمجاز ، فانّها ناشئة عن عدم قدرة المكلف على الجمع بينها في مقام الامتثال وإلاّ فلا مضادة بينها أصلاً.
وعلى الجملة : فجعل الوجوب والحرمة لشيء واحد وجوداً وماهيةً مستحيل على جميع المذاهب والآراء ، بداهة أنّ استحالة اجتماع الضدّين في شيء واحد لا تختص بوجهة نظر دون آخر ، ولا تتوقف استحالة ذلك على فعليتهما أبداً وهذا ظاهر.
فما أفاده قدسسره من أنّ التضاد بين الأحكام إنّما هو في مرتبة فعليتها دون مرتبة الانشاء لا يرجع إلى معنىً محصّل أصلاً كما لا يخفى.
وأمّا المقدّمة الثانية : فالأمر كما أفاده قدسسره من أنّ الأحكام لاتتعلق بالعناوين الانتزاعية التي لا مطابق لها في الخارج بحيالها واستقلالها. نعم ، تؤخذ تلك العناوين في متعلقات الأحكام لا بما هي هي ، بل بما هي معرّفة ومشيرة إلى ما هو المتعلق في الواقع ، كما أنّها لا تتعلق بالأسماء والألفاظ كذلك ، وإنّما تتعلق بطبيعي الأفعال الصادرة عن المكلفين في الخارج.
وأمّا المقدّمة الرابعة : فالأمر أيضاً كما أفاده قدسسره والوجه فيه ما تقدّم من استحالة أن يكون لشيء واحد ماهيتان في عرض واحد أو حدّان