تعدد العنوان المقولي في موردٍ لا محالة يوجب تعدد المعنون والمطابق فيه ، بداهة أنّه كما يستحيل اتحاد مقولة مع مقولة اخرى واندراجهما تحت مقولة ثالثة ، كذلك يستحيل اتحاد نوع من مقولة مع نوع آخر من هذه المقولة ، أو فرد من هذه المقولة مع فرد آخر منها ... وهكذا ، وذلك لما برهن في محلّه من أنّه لا بدّ في المركب الحقيقي من أن تكون له جهة وحدة حقيقية ، لوضوح أنّه لولا تلك الجهة لكان التركيب اعتبارياً ، ومن الواضح جداً أنّ جهة الوحدة الحقيقية لاتكون إلاّ إذا كان أحد جزأي المركب بالقوّة والآخر بالفعل ، ليكونا موجودين بوجود واحد ، وأمّا إذا كان كلاهما بنحو الفعلية والتحصل فيستحيل أن تكون بينهما جهة وحدة حقيقية ، ضرورة أنّ كل فعلية تأبى عن فعلية اخرى.
وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر أنّه لا يمكن اتحاد فردين من مقولة واحدة فضلاً عن مقولتين. أضف إلى ذلك : ما ذكرناه من أنّ المقولات أجناس عاليات فلا يمكن أن يكون فوقها جنس آخر.
الثانية : وهي ما إذا كان أحد العنوانين من العناوين المتأصلة والآخر من العناوين الانتزاعية ، قد تقدّم على صفة الاجمال أنّ تعدد العنوان كذلك لا يقتضي تعدد المعنون والمطابق في الخارج ، بل لا بدّ من ملاحظة أنّ العنوان الانتزاعي هل ينتزع من مرتبة ذات العنوان المتأصل في الخارج أو من شيء آخر مباين له وجوداً ، بمعنى أنّ منشأ انتزاعه مباين للعنوان الذاتي خارجاً.
فعلى الأوّل : لا محالة يكون التركيب بينهما اتحادياً في مورد الاجتماع ، بمعنى أنّ المجمع فيه واحد وجوداً وماهية ، غاية الأمر يكون صدق أحدهما عليه ذاتياً والآخر عرضياً ، ولتوضيح ذلك نأخذ بمثالين :
أحدهما : ما إذا فرض أنّ شرب الماء بما هو مأمور به ، وفي هذا الفرض لو شرب أحدٌ الماء المغصوب فلا محالة ينطبق عليه عنوانان : أحدهما العنوان