الذاتي وهو الشرب ، والآخر العنوان الانتزاعي وهو الغصب ، لما سيجيء إن شاء الله تعالى من أنّ الغصب ليس من إحدى المقولات التسع العرضية ، بل هو عنوان انتزاعي منتزع من التصرف في مال الغير ، ومن هنا أمكن انطباقه على الماهيات المتعددة المقولية. وفي المقام بما أنّه منتزع من نفس العنوان الذاتي في مورد الاجتماع وهو شرب هذا الماء ، لا من شيء آخر مباين له وجوداً ، فلا محالة يتحد معه خارجاً ، ويكون المطابق لهما واحداً وجوداً وماهية. وعليه فلا مناص من القول بالامتناع ، بداهة استحالة أن يكون شيء واحد مصداقاً للمأمور به والمنهي عنه معاً.
فما أفاده قدسسره من استحالة اتحاد المبادئ بعضها مع بعضها الآخر لا يتمّ في هذا المثال وما شاكله. نعم ، إنّما يتمّ في المبادئ المتأصلة كما سبق.
وثانيهما : التوضؤ بماء الغير بدون إذنه ، فانّه مجمع للعنوان الذاتي والانتزاعي معاً ، أمّا العنوان الذاتي فهو عبارة عن نفس التوضؤ الذي له واقع موضوعي في الخارج وينطبق عليه انطباق الطبيعي على أفراده والكلّي على مصاديقه ، وأمّا العنوان الانتزاعي فهو عبارة عن الغصب الذي لا واقع له ما عدا منشأ انتزاعه ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّه منتزع من نفس هذا العنوان الذاتي في الخارج وهو التوضؤ بهذا الماء.
فالنتيجة على ضوئهما : هي أنّ العنوانين في المقام منطبقان على شيء واحد وجوداً وماهيةً ، وعليه فلا مناص من القول بالامتناع. وعلى الجملة : فالنسبة بين هذين العنوانين وإن كانت بالعموم من وجه ، وأنّ لكل منهما ماهية مستقلة في مورد الافتراق ، إلاّ أنّهما متحدان في مورد الاجتماع باعتبار أنّ منشأ انتزاع العنوان الانتزاعي هو نفس العنوان الذاتي في الخارج ، ولا واقع له ما عداه ، والأصل في جميع ذلك هو ما أشرنا إليه من أنّ المبدأ إذا كان من العناوين