والتكلم من مقولة اخرى ، والمفروض استحالة اتحاد المقولتين واندراجهما تحت حقيقة واحدة. وعلى هذا فلا مانع من أن يكون العنوان الذاتي متعلقاً للأمر والعنوان الانتزاعي متعلقاً للنهي أصلاً ، لفرض أنّ منشأ العنوان الانتزاعي مغاير مع العنوان الذاتي في الخارج وجوداً وماهيةً ، ومعه لا يلزم من اجتماعهما في مورد كون شيء واحد مصداقاً للمأمور به والمنهي عنه معاً.
ومن هذا القبيل الأكل في الأرض المغصوبة ، فانّه ليس تصرفاً فيها بنظر العرف ليكون منشأ لانتزاع عنوان الغصب ، بل الغصب منتزع من أمر آخر مغاير له وجوداً وهو الكون فيها ، فلا يلزم من فرض تعلق الأمر بالأكل اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد.
الثالثة : وهي ما إذا كان كلا العنوانين من الماهيات الانتزاعية ، أيضاً لا بدّ من ملاحظة أنّ العنوانين المتصادقين في مورد الاجتماع هل ينتزعان من موجود واحد في الخارج ، بمعنى أنّ ذلك الموجود الواحد باعتبارٍ منشأ لانتزاع أحدهما ، وباعتبار آخر منشأ لانتزاع الآخر ، أو ينتزع كل منهما من موجود مباين لما ينتزع منه الآخر ، فعلى الأوّل لا محالة يكون التركيب بينهما اتحادياً ، لفرض أنّ منشأ انتزاعهما واحد في الخارج وجوداً وماهيةً من ناحية ، وعدم تعلق الحكم بالعنوان الانتزاعي بما هو من ناحية اخرى ، وعليه فلا مناص من القول بالامتناع ، ضرورة استحالة أن يكون شيء واحد مصداقاً للمأمور به والمنهي عنه معاً ومحبوباً ومبغوضاً. وعلى الثاني فلا محالة يكون التركيب بينهما في مورد الاجتماع انضمامياً ، وذلك لاستحالة التركيب الحقيقي بين الموجودين المتباينين ، سواء أكانا من مقولة واحدة أم من مقولتين.
وبتعبير آخر : أنّ العنوانين إذا كان كلاهما انتزاعياً فلا يخلوان من أن يكونا منتزعين من شيء واحد في الخارج باعتبارين مختلفين ، أو أن يكون كل منهما