ومن هنا قلنا في ذلك البحث إنّ الذات مأخوذة في مفهوم المشتق ، وإلاّ فلا يمكن حمله عليها ، لفرض تباينهما وجوداً عندئذ ، فانّ العرض الذي هو مفهوم المشتق على الفرض موجود بوجود ، والجوهر الذي هو موضوعه موجود بوجود آخر ، ومن المعلوم استحالة اتحاد وجود مع وجود آخر ، ضرورة أنّ كل وجود يأبى عن وجود آخر ، ولأجل ذلك قلنا إنّ مجرد لحاظه لا بشرط لا يوجب اتحاده مع موضوعه ليصح حمله عليه الذي ملاكه الاتحاد في الوجود ، بداهة أنّ اعتبار اللاّ بشرط لا يجعل المتغايرين في الوجود متحدين فيه واقعاً ، فانّ تغايرهما ليس بالاعتبار لينتفي باعتبار آخر ، وهذا واضح.
وأمّا النقطة السادسة : فيرد عليها : أنّ مناط التساوي بين المفهومين هو اشتراكهما في الصدق ، بمعنى أنّ كل ما يصدق عليه هذا المفهوم يصدق عليه ذاك المفهوم أيضاً ، فهما متلازمان من هذه الناحية ، وليس مناط التساوي بينهما اتحادهما في جهة الصدق ، ضرورة أنّه مناط الترادف بين المفهومين ، كالانسان والبشر ، حيث إنّ جهة الصدق فيهما واحدة وهو الحيوان الناطق ، بمعنى أنّهما مشتركان في حقيقة واحدة ، ولفظ كل منهما موضوع بازاء تلك الحقيقة باعتبار ، مثلاً لفظ الانسان موضوع للحيوان الناطق باعتبار ، ولفظ البشر موضوع له باعتبار آخر ، وهذا بخلاف المفهومين المتساويين كالضاحك والمتعجب مثلاً فانّ لكل منهما مفهوماً يكون في حد ذاته مبايناً لمفهوم الآخر ، ضرورة أنّ مفهوم الضاحك غير مفهوم المتعجب ، فلا اشتراك لهما في مفهوم واحد وحقيقة فاردة وإلاّ لكانا من المترادفين لا المتساويين ، كما أنّ جهة الصدق في أحدهما غير جهة الصدق في الآخر ، فانّ جهة صدق الضاحك على هذه الذات مثلاً هي قيام الضحك بها ، وجهة صدق المتعجب عليها هي قيام التعجب بها ، فلا اشتراك لهما في جهة الصدق أيضاً.