المقولات كما هو واضح ، بل هي مركبة من مقولات عديدة ، منها : الكيف المسموع كالقراءة والأذكار. ومنها : الكيف النفساني كالقصد والنيّة. ومنها :الوضع كهيئة الراكع والساجد والقائم والقاعد ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّه قد برهن في محلّه أنّ المقولات أجناس عاليات ومتباينات بتمام ذاتها وذاتياتها ، وعليه فلا يمكن أن يكون المركب من تلك المقولات مقولة برأسها ، لاعتبار الوحدة في المقولة ولا وحدة للمركب منها ، ضرورة استحالة اتحاد مقولة مع مقولة اخرى. فإذن ليست للصلاة وحدة حقيقية بل وحدتها بالاعتبار ، ولذا لا مطابق لها في الخارج ما عدا هذه المقولات المؤلفة الصلاة منها. وأمّا الغصب فلأ نّه ممكن الانطباق على المقولات المتعددة ، ومن المعلوم أنّه لا يمكن أن يكون من الماهيات الحقيقية لما عرفت من استحالة اتحاد المقولتين واندراجهما تحت حقيقة واحدة ، فلو كان الغصب من الماهيات المقولية لاستحال اتحاده مع مقولة اخرى وانطباقه عليها ، لاستلزام ذلك تفصّل شيء واحد بفصلين في عرض واحد واندراجه تحت ماهيتين نوعيتين وهو محال ، فإذن لا محالة يكون من المفاهيم الانتزاعية ، فقد ينتزع من الكون في الأرض المغصوبة الذي هو من مقولة الأين ، وقد ينتزع من أكل مال الغير أو لبسه الذي هو من مقولة اخرى ... وهكذا.
فالنتيجة : أنّه لا يعقل أن يكون الغصب جامعاً ماهوياً لهذه المقولات فلا محالة يكون جامعاً انتزاعياً لها.
ودعوى أنّه لا يمكن انتزاع مفهوم واحد من مقولات متعددة وماهيات مختلفة ، وعليه فلا يمكن انتزاع مفهوم الغصب من تلك المقولات ، وإن كانت صحيحة ولا مناص من الالتزام بها ، إلاّ أنّ الغصب لم ينتزع من هذه المقولات بأنفسها ، بل انتزاعه منها باعتبار عدم إذن المالك في التصرف بها ، ضرورة أنّه