معاً في مورد الاجتماع ، ومن المعلوم أنّ هذا لا يتوقف على وجود ملاك لأحدهما فيه ، لوضوح استحالة جعلهما معاً لشيء واحد ، سواء فيه القول بتبعية الأحكام لجهات المصالح والمفاسد والقول بعدمها ، فانّ خلاف الأشعري مع الإمامية إنّما هو في العقل العملي ، أعني به التحسين والتقبيح العقليين ، ولأجل ذلك أنكر مسألة التبعية لابتنائها على تلك المسألة ، أعني مسألة التحسين والتقبيح ، لا في العقل النظري ، أعني به إدراكه إمكان الأشياء واستحالتها ، والمفروض أنّ جعل الحكمين المتضادين لشيء واحد محال عقلاً ، وكذا الحال في مسألة التزاحم ، فانّها لا تختص بوجهة نظر دون آخر ، بل تعم جميع المذاهب والآراء حتّى مذهب الأشعري ، وذلك لما ذكرناه من أنّ مبدأ انبثاق المزاحمة بين الحكمين مع عدم التنافي بينهما في مقام الجعل إنّما هو عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما في مرحلة الامتثال.
الثالثة : أنّ الدليل لا يكون متكفلاً لفعلية الحكم أصلاً ، ضرورة أنّ فعليته تتبع فعلية موضوعه في الخارج وأجنبية عنه بالكلّية ، فانّ مفاده ـ كما ذكرناه غير مرّة ـ ثبوت الحكم على نحو القضية الحقيقية ، ولا نظر له إلى فعليته ووجوده في الخارج أصلاً ، كما أنّه لا يمكن أن يكون الدليل متكفلاً للحكم الاقتضائي وهو اشتمال الفعل على المصلحة والمفسدة ، ضرورة أنّ بيان ذلك ليس من شأن الشارع ووظيفته ، فانّ وظيفته بيان الأحكام الشرعية ، لا بيان مصالح الأشياء ومفاسدها ومضارها ومنافعها ، وبذلك ظهر ما في كلام المحقق صاحب الكفاية قدسسره في المقدّمة التاسعة فلاحظ.
الرابعة : أنّ ثمرة المسألة على القول بالجواز صحة العبادة في مورد الاجتماع مطلقاً ولو كان عالماً بالحرمة فضلاً عما إذا كان جاهلاً بها ، ولكن خالف في ذلك شيخنا الاستاذ قدسسره وقال ببطلان العبادة في صورة العلم بالحرمة ،