الثاني : أنّه قد ثبت في محلّه أنّ صحة النذر وما شاكله مشروطة بكون متعلقه راجحاً ، فلو نذر ترك واجب أو فعل حرام لم يصح ، بل لو نذر ترك مستحب أو فعل مكروه كان كذلك ، فضلاً عن أن ينذر ترك واجب أو فعل محرّم. ومن هنا لو نذرت المرأة أن تصوم غداً ثمّ رأت الدم فلا ينعقد نذرها ولا يجب عليها الصوم في الغد بمقتضى وجوب الوفاء بالنذر ، لعدم رجحانه في هذه الحالة.
وعلى الجملة : فلا شبهة في اعتبار رجحان متعلقه في نفسه في انعقاده ، كزيارة الحسين عليهالسلام والصلاة في المسجد مثلاً وما شاكلهما ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : يعتبر في صحته وانعقاده أيضاً أن لا يكون محللاً للحرام بمعنى أنّ الوفاء به لا يستلزم ترك واجب أو فعل محرم. والحاصل أنّه لا إشكال في فساد النذر أو الشرط المخالف للكتاب أو السنّة وما يكون محللاً للحرام ، وقد دلّت على ذلك عدّة من الروايات (١) ويترتب على هذا أنّ النذر في مفروض المقام بما أنّ متعلقه في نفسه محلل للحرام ، لاستلزامه ترك الواجب وهو الحج فلا ينعقد ، لما قد عرفت من اشتراط صحته بعدم كون متعلقه كذلك ، وعليه فلا مناص من تقديم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر.
أو فقل : إنّه لا مانع من فعلية وجوب الحج هنا على الفرض ما عدا وجوب الوفاء بالنذر وأشباهه ، وحيث إنّه مشروط بعدم كون متعلقه في نفسه مستلزماً لترك واجب أو فعل حرام ، فلا محالة لا يكون فعلياً في هذا الفرض ـ أي فرض مزاحمته مع وجوب الحج ـ ليكون مانعاً عن فعلية وجوبه ، لاستلزام الوفاء به ترك الواجب وهو الحج ، وعليه فلا محالة يكون وجوب الحج فعلياً ورافعاً لموضوع وجوب الوفاء بالنذر ، كما هو واضح.
__________________
(١) الوسائل ٢٣ : ٣١٧ / كتاب النذر ب ١٧