كما في آيتي الحج والوضوء وما شاكلهما ، فالتقييد في مثل ذلك لا محالة يكشف عن دخل القدرة في الملاك واقعاً ، ضرورة أنّها لو لم تكن دخيلة فيه في مقام الثبوت والواقع لم يكن معنى لأخذها في متعلقه في مقام الاثبات والدلالة ، وعلى ذلك يترتب أنّه بانتفاء القدرة ينتفي الملاك ، لاختصاصه بخصوص الحصة المقدورة دون الأعم ، وعليه فلا يمكن تصحيح الوضوء بالملاك في موارد الأمر بالتيمم.
ومرّة اخرى لم تؤخذ في متعلقه في مرتبة سابقة على الطلب ، بل كان اعتبارها فيه من ناحية تعلق الطلب به ، سواء أكان باقتضاء نفس الطلب ذلك أو من جهة حكم العقل بقبح تكليف العاجز ، فالتقييد في مثل ذلك بما أنّه كان في مرتبة لاحقة وهي مرتبة عروض الطلب ، فيستحيل أن يكون تقييداً في مرتبة سابقة على تلك المرتبة وهي مرتبة معروضه.
أو فقل : إنّ الطبيعة التي يتعلق بها الطلب وإن كانت مقيدة بالقدرة عليها حال تعلقه بها ، إلاّ أنّها مطلقة في مرتبة سابقة عليه ، ومن الواضح أنّ إطلاقها في تلك المرتبة يكشف عن عدم دخل القدرة في الملاك ، وأ نّها باطلاقها واجدة للملاك التام ، وإلاّ لكان على المولى تقييدها في تلك المرتبة. إذن فمن الاطلاق في مقام الاثبات يستكشف الاطلاق في مقام الثبوت.
أقول : هذا البيان بعينه يجري فيما نحن فيه ، فانّ متعلق النذر في مرتبة سابقة على عروض النذر عليه ، ووجوب الوفاء به مطلق ، والتقييد إنّما هو في مرتبة لاحقة ، وهي مرتبة عروض النذر عليه ووجوب الوفاء به ، وقد عرفت أنّ مثل هذا التقييد لا يكشف عن دخل القدرة في المتعلق ، ضرورة أنّه لا يصلح أن يكون بياناً ومقيداً للاطلاق في مرتبة سابقة عليه ، إذن ذات الفعل الذي هو معروض الالتزام النذري واجد للملاك على إطلاقه ، والمفروض عدم الدليل على تقييده في تلك المرتبة بخصوص الحصة الخاصة وهي الحصة المقدورة.