مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعيين ، حيث إنّه قدسسره قد التزم في تلك المسألة بالاحتياط ، وعدم جواز الرجوع إلى البراءة على ما نطق به كلامه في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ، وبما أنّ مسألتنا هذه على الفرض الأوّل داخلة في كبرى تلك المسألة ، فلا مناص له من الالتزام بالاحتياط فيها ، ولزوم الأخذ بالطرف المحتمل أهمّيته ، وعليه فالنتيجة على هذا القول بعينها هي النتيجة على القول بالتخيير العقلي ، وهي تعين الأخذ بالطرف المحتمل أهمّيته دون الطرف الآخر ، فاذن لا فرق بين القولين من هذه الناحية أصلاً.
الثانية : أنّ المقام على القول المزبور ـ أعني القول بالتخيير الشرعي في المتساويين ـ وإن كان داخلاً في كبرى دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعيين ، إلاّ أنّ التعيين والتخيير في خصوص المقام حيث إنّهما كانا في مقام التزاحم والامتثال ، فلا مناص من الالتزام بعدم جريان البراءة عن التعيين ووجوب الأخذ به ، وإن قلنا بجريان البراءة في تلك الكبرى ، كما فصّلنا الكلام من هذه الناحية في بحث الأقل والأكثر الارتباطيين (١).
وتوضيح ذلك : هو أنّ مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام جعل الحجية وإنشائها في مرحلة التشريع والاعتبار ، كما لو شككنا في أنّ حجية فتوى الأعلم هل هي تعيينية ، أو أنّ المكلف مخير بين الأخذ بها والأخذ بفتوى غير الأعلم.
الثاني : ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الامتثال والفعلية من
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٥١٩