جهة التزاحم.
الثالث : ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الجعل والتشريع ، فلا يعلم أنّ التكليف مجعول للجامع بلا أخذ خصوصية فيه أو مجعول لحصة خاصة منه ، كما لو شككنا في أنّ وجوب صلاة الجمعة في يوم الجمعة هل هو تعييني أو تخييري.
وبعد ذلك نقول : إنّا قد ذكرنا في غير مورد أنّ البراءة لا تجري في القسمين الأوّلين ، ولا بدّ فيهما من الالتزام بوجوب الاحتياط ، وأمّا في القسم الأخير فالصحيح هو جريان البراءة فيه ، فها هنا دعويان :
الاولى : عدم جريان أصالة البراءة في القسمين الأوّلين.
الثانية : جريان البراءة في القسم الأخير.
أمّا الدعوى الاولى : فقد ذكرنا غير مرّة أنّ الشك في حجية شيء في مقام الجعل والتشريع مساوق للقطع بعدم حجيته فعلاً ، ضرورة أنّه مع هذا الشك لا يمكن ترتيب آثار الحجة عليه ، وهي إسناد مؤداه إلى الشارع ، والاستناد إليه في مقام الجعل ، للقطع بعدم جواز ذلك ، لأنّه تشريع محرّم ، ومن المعلوم أنّا لا نعني بالحجية الفعلية إلاّترتيب تلك الآثار عليها ، وعليه فاذا دار الأمر بين حجية شيء كفتوى الأعلم مثلاً تعييناً ، وحجيته تخييراً ، فلا مناص من الأخذ به ، وطرح الطرف الآخر ، للقطع بحجيته واعتباره فعلاً ، إمّا تعييناً أو تخييراً ، والشك في حجية الآخر كفتوى غير الأعلم واعتباره ، وقد عرفت أنّ الشك في الحجية مساوق للقطع بعدمها ، وهذا واضح.
وكذا الحال في مقام الامتثال ، فانّه إذا دار الأمر بين امتثال شيء تعييناً أو تخييراً ، فلا مناص من التعيين والأخذ بالطرف المحتمل تعيينه ، ضرورة أنّ الاتيان