والقول : بكون الرّجوع إلى الأصل بعد الحكم بإجمال المتعارضين نوع عمل ـ كما لا يأبى عنه بعض عبائر « الكتاب » ـ كما ترى ؛ فإنّ العمل بالأصل متفرّع على عدم وجود الدّليل ، فكيف يجعل عملا به؟
ومن هنا يحمل موارد جمعهم بين التمسّك بالأصل والدّليل في حكم المسألة على إرادة التّنزّل والإغماض عن وجود الدّليل ، فمورد الدّوران ما إذا كانت هناك احتمالات متفاوتة في القوّة والضّعف بعد رفع اليد عن الظّاهر بمقتضى الجمع : بأن يكون بعض المحتملات أقرب المجازات مثلا لا متيقّن الإرادة على تقدير الصّدور ؛ إلاّ إذا قلنا بأن تيقّن الإرادة لا يوجب نصوصيّة الكلام بالنّسبة إلى المراد.
فإذا ورد : « أكرم العلماء » ، ثمّ ورد : « لا تكرم العلماء » مثلا ، وكان العادل متيقّن الإرادة من الأوّل ، والفاسق من الثّاني لم يحكم بكون كلّ منهما نصّا من جهة وظاهرا من جهة فيرفع اليد عن ظاهر كلّ منهما بنصّ الآخر فيخرج عن تعارض الظّاهرين هذا.
وستقف على تحقيق الحقّ من الوجهين والمسلكين عن قريب ، فالصّور ثلاثة عرفت حكمها هذا فيما كانت النّسبة بين المتعارضين التّباين ، أو العموم والخصوص مع التّكافؤ من حيث الدّلالة من جهة اشتمال العام بما يوجب مكافئته ظهورا مع الخاصّ.
وأمّا إذا كانت النّسبة العموم من وجه مع تكافؤ العامّين من حيث الدّلالة كما هو المفروض فقد يقال : في الصّورة بخصوصها على ما عرفت الإشارة إليه : بأولويّة الجمع من الطّرح بقسميه ترجيحا وتخييرا : من حيث إنّ الطّرح من حيث