والظّهور لشيء منهما ، فلا فرق بين صور التّعارض فيما ذكرنا أصلا هذا.
فإن شئت قلت : إنّ مرجع التّوهم المذكور إلى جعل اعتبار ظاهر الحديث مانعا عن الأخذ بصدوره ، ومرجعه ـ بعد التّسالم على قضيّة الأصليّة والفرعيّة كما ترى ـ إلى لزوم الدّور وهو ما أشرنا إليه : من الاستحالة هذا كلّه فيما إذا كان هناك معنى يحمل الظّاهران أو الظّاهر عليه على تقدير الجمع.
وأمّا إذا تعدّد المعنى المحتمل بحيث يحتمل إرادة كلّ واحد من غير فرق فلازم الجمع والأخذ بصدور المتعارضين الحكم بالإجمال والرّجوع إلى الأصل الغير المخالف لهما فقد يجعل هذا كما في « الكتاب » : من حيث إنّ نفي الثّالث اللاّزم من الأخذ بهما صدورا عمل بهما مسوّغا ومجوّزا للحكم بصدورهما ؛ فإنّ الأخذ بالدّلالة الالتزاميّة نوع من العمل بالحديث وقول المعصوم عليهالسلام.
لكنّه كما ترى ، لا يخلو عن مناقشة ؛ من حيث إنّ نفي الثّالث ليس لازما للجمع والأخذ بصدورهما معا ، بل لازم الأخذ بالصّدور في الجملة المسلّم بين الفريقين ، فلا معنى لجعله ثمرة عمليّة للأخذ بهما بعنوان الجمع والمعيّة فلم يبق ممّا يمكن أن يترتّب على الجمع إلاّ الإجمال الّذي هو في معنى ترك العمل ؛ فإنّه كما يكون الأخذ بالظّهور متفرّعا على الأخذ بالصّدور كذلك يكون شمول دليل الصّدور موقوفا على وجود أثر عمليّ هناك ؛ حيث إنّ معنى لزوم التّصديق هو الالتزام بالآثار المترتّبة على المخبر به. فكيف يجعل الإجمال من آثاره الّذي هو في معنى ترك العمل به على ما عرفت؟ ومن هنا لا يحكم بشمول دليل الصّدور لما تعيّن حمله على التّقيّة على تقدير الصّدور ، فعلى ما ذكر من المناقشة يكون الطّرح أولى من الجمع بالنّظر إلى القاعدة في الصّورة المسطورة.