الصّدور بالنّسبة إلى مورد التّعارض بخصوصه ، كما هو لازم النّسبة موجب للتّبعيض في الصّدور الآبي منه دليل التّعبد به ؛ لأنّ الكلام الواحد لا يحمل عليه النّقيضان. وليس مثله مثل الحديث الواحد المشتمل على فقرات وأحكام لموضوعات متعدّدة ؛ حيث إنّه يجوز الأخذ بالحديث بالنّسبة إلى بعض الفقرات مع طرحه بالنّسبة إلى بعضها ؛ لأنّه بمنزلة أحاديث متعدّدة ، وهذا بخلاف المقام ؛ فإنّ المفروض فيه الإخبار عن قضيّة واحدة فلا يحمل عليه الصّدور والعدم هذا.
ولكنّك خبير بكونه مجرّد الاستبعاد ؛ إذ المستحيل عقلا الصّدور وعدمه الواقعيّان لا الظّاهريّان مع تعدّد مورد الحكم. ومن هنا كان ظاهرهم الاتّفاق على اندراجه في الأخبار العلاجيّة فلا مناص من الالتزام بالتّبعيض الحكمي والبنائي بحسب الآثار كما هو الشّائع في الشّرعيّات هذا.
وقد يقال فيها بخصوصها : بأولويّة الطّرح ؛ من حيث إنّ لازم الجمع فيه هو الحكم بالإجمال الدائمي في مورد التّعارض ؛ فيلزمه حقيقة ترك العمل بهما فينافيه التّعبّد بالصّدور ، فكيف يكون دليله دليلا عليه؟ والقول بكون ثمرته الإجمال ونفي الثّالث والرّجوع إلى الأصل الموافق لأحدهما وإلاّ فالتّخيير العقلي نظير دوران الأمر بين المحذورين واقعا في المسألة الفقهيّة قد عرفت ما فيه هذا.
وقد أشرنا إلى أنّ عبارة « الكتاب » غير خالية عن الإجمال : من حيث الحكم بأولويّة الجمع في خصوص الصّورة أو الطّرح وإن كان ظاهرا في اختيار عدم أولويّة لأحدهما على الآخر أخيرا.
فقد ظهر ممّا ذكرنا كلّه : الوجه للقول بعدم ترجيح لأحد من الجمع والطّرح على صاحبه بالنّظر إلى القاعدة ، كما أنّه ظهر منه وجوه سائر الاحتمالات