من التّأويل كما ترى ؛ فإنّه حمل على النّادر إن لم يكن حملا على المعدوم.
الثّاني : الأجوبة الّتي وردت في الأخبار المذكورة ، فإنّه لم يقع فيها إلاّ الجواب بالطّرح تعيينا أو تخييرا.
وأمّا قولهم عليهمالسلام في بعض الأخبار : ( أنتم أفقه النّاس إذا عرفتم معاني كلامنا ... إلى آخره ) (١) ، أو ( أنّ أمر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كأمر القرآن فيه ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه ) (٢) الحديث ، فليس منافيا لما ذكر إن لم يكن مؤيّدا ؛ فإنّ الغرض منه الحثّ والتّأكيد على التّأمّل في وجوه دلالة الكلام من الدّاخل والخارج وعدم حمله على ما يفهم منه في باديء النّظر أو قبل ملاحظة القرائن الخارجيّة ، وهذا ليس محلاّ لإنكار واحد فلو دلّ على الجمع كما ستقف عليه فإنّما يدلّ عليه في الفرض الخارج عن محلّ الكلام.
الثّالث : الإجماع العملي من الخاصّة بل جميع علماء الإسلام من زمن الصّحابة إلى زماننا هذا ؛ فإنّهم لم يزالوا يطرحون أحد المتعارضين تعيينا أو تخييرا فلو كان الجمع ولو بضرب من التّأويل البعيد مقدّما على الطّرح لما سلكوا هذا المسلك واضطراب كلام الشّيخ لا يقدح فيه مع كون عمله على طبق عملهم ، بل
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣٤٩ الباب ٩ في الأئمة عليهمالسلام « انهم يتكلمون على سبعين وجها في كلها المخرج ويفتون بذلك » ـ ح ٦ ـ ومعاني الأخبار : ٢ ـ ح ١ ، عنه الوسائل : ج ٢٧ / ١١٧ باب « وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة » ـ ح ٢٧.
(٢) الكافي الشريف : ج ١ / ٦٣ باب « اختلاف الحديث » ـ ح ١ ، عنه الوسائل : ج ٢٧ / ٢٠٦ باب « عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المروي من غير جهة الأئمة عليهمالسلام ... » ـ ح ١.